وتمرا فقال: هذا هو الزقوم الذي يخوفكم به. قال: ومنه الغناء.
فعلى هذا فإنه يدخل فيه كل شئ يلهي عن سبيل الله، وعن طاعته من الأباطيل والمزامير والملاهي، والمعازف. ويدخل فيه السخرية بالقرآن، واللغو فيه، كما قاله أبو مسلم، والترهات، والبسابس على ما قاله عطا، وكل لهو ولعب على ما قاله قتادة. والأحاديث الكاذبة والأساطير الملهية عن القرآن على ما قاله الكلبي.
وروى الواحدي بالإسناد عن نافع، عن ابن عمر، أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الآية (ومن الناس من يشتري لهو الحديث) قال: باللعب والباطل كثير النفقة، سمح فيه، ولا تطيب نفسه بدرهم يتصدق به. وروي أيضا بالإسناد عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من ملأ مسامعه من غناء لم يؤذن له أن يسمع صوت الروحانيين يوم القيامة) قيل: وما الروحانيون يا رسول الله؟ قال: قراء أهل الجنة.
(ليضل عن سبيل الله) أي: ليضل غيره، ومن أضل غيره فقد ضل هو، ومن قرأ بفتح الياء، فالمعنى ليصير أمره إلى الضلال، وهو إن لم يكن يشتري للضلال، فإنه يصير أمره إلى ذلك. قال قتادة: حسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق وسبيل الله قراءة القرآن، وذكر الله، عن ابن عباس.
(بغير علم) معناه: إنه جاهل فيما يفعله لا يفعل عن علم (ويتخذها هزوا) أي:
ويتخذ آيات القرآن هزوا، أو ويتخذ سبيل الله هزوا يستهزأ بها (أولئك لهم عذاب مهين) أي: مضل يهينهم الله به (وإذا تتلى عليه آياتنا) أي: وإذا قرئ عليه القرآن (ولى مستكبرا كأن لم يسمعها) أي: أعرض عن سماعه إعراض من لا يسمعه، رافعا نفسه فوق مقدارها. (كأن في أذنيه وقرا) أي: كأن في مسامعه ثقلا يمنعه عن سماع تلك الآيات (فبشره) يا محمد (بعذاب أليم) أي: مؤلم موجع في القيامة.
ثم أخبر سبحانه عن صفة المؤمنين المصدقين فقال: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم) يوم القيامة، يتنعمون فيها. (خالدين فيها) أي.
مؤبدين في تلك الجنات (وعد الله حقا) أي: وعدا وعده الله حقا، لا خلف له.
(وهو العزيز) في انتقامه (الحكيم) في جميع أفعاله وأحكامه، لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة. ثم أخبر سبحانه عن أفعاله الدالة على توحيده فقال: (خلق السماوات) أي: أنشأها واخترعها (بغير عمد ترونها) إذ لو كان لها عمد لرأيتموها، لأنها لو كانت تكون أجساما عظاما حتى يصح منها أن تقل السماوات، ولو كانت كذلك