ثم بين سبحانه أنهم يفعلون ذلك (ليكفروا بما آتيناهم) من النعم إذ لا غرض في الشرك إلا كفران نعم الله سبحانه. وقيل: إن هذه اللام للأمر على معنى التهديد، مثل قوله: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) ثم قال سبحانه يخاطبهم مهددا لهم: (فتمتعوا) بهذه الدنيا، وانتفعوا بنعيمها الفاني، كيف شئتم. (فسوف تعلمون) عاقبة كفركم (أم أنزلنا عليهم سلطانا) هذا استفهام مستأنف معناه: بل أنزلنا عليهم برهانا وحجة، يتسلطون بذلك على ما ذهبوا إليه. (فهو يتكلم بما كانوا به يشركون) أي: فذلك البرهان كأنه يتكلم بصحة شركهم، ويحتج لهم به، والمعنى. إنهم لا يقدرون على تصحيح ذلك، ولا يمكنهم ادعاء برهان وحجة عليه.
(وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون (36) أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لأيت لقوم يؤمنون (37) فئات ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون (38) وما آتيتم من ربا ليربوا في أمول الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون (39) الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحيكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شئ سبحانه وتعالى عما يشركون (40).
القراءة: قرأ ابن كثير: (ما أتيتم من ربا) مقصورة الألف غير ممدودة. وقرأ الباقون: (ما آتيتم) بالمد. وقرأ أهل المدينة ويعقوب وسهل: (لتربوا) بالتاء، وضمها وسكون الواو. والباقون: (ليربوا) بالياء وفتحها ونصب الواو.
الحجة: قال أبو علي: معنى ما آتيتم من ربا: ما أتيتم من هدية أهديتموها لتعوضوا ما هو أكثر منه، وتكافئوا أزيد منه، فلا يربو عند الله، لأنكم إنما قصدتم إلى زيادة العوض، فلم تبتغوا في ذلك وجه الله. ومثل هذا في المعنى قوله (ولا