تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين (52) وما أنت بهد العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون (53) الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير (54) ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذ لك كانوا يؤفكون (55).
القراءة: قرأ ابن كثير، وعباس، عن أبي عمرو: (ولا يسمع الصم) والباقون: (ولا تسمع الصم) وقد ذكرناه في سورة النمل. وقرأ عاصم، وحمزة:
(من ضعف) بالضم. والباقون بفتح الضاد. وقد ذكرناه في سورة الأنفال.
الاعراب: جواب الشرط من قوله (ولئن أرسلنا) قد حذف، لأنه قد أغنى عنه جواب القسم، لأن المعنى في قوله (لظلوا) ليظلن كما أن قوله (إن أرسلنا) بمعنى أن نرسل. فجواب القسم قد ناب عن الأمرين، وكان أحق بالحكم لتقدمه على الشرط. ولو تقدم الشرط لكان الجواب له كقولك: إن أرسلنا ريحا فظلوا والله يكفرون. واللام في قوله (ولئن) يسميها البصريون لام توطئة القسم، ويسميها الكوفيون لام إنذار القسم، والمعنى: ظل يفعل في صدر النهار، وهو الوقت الذي فيه الظل للشمس.
المعنى: ثم عاب سبحانه كافر النعمة فقال: (ولئن أرسلنا ريحا) مؤذنة بالهلاك باردة (فرأوه مصفرا) أي: فرأوا النبت والزرع الذي كان من أثر رحمة الله مصفرا من البرد بعد الخضرة والنضارة. وقيل: إن الهاء يعود إلى السحاب، ومعناه:
فرأوا السحاب مصفرا، لأنه إذا كان كذلك، لم يكن فيه مطر (لظلوا من بعده يكفرون) أي: لصاروا من بعد أن كانوا راجين مستبشرين، يكفرون بالله وبنعمته، ولم يرضوا بقضاء الله تعالى فيه، فعل من جهل صانعه ومدبره، ولا يعلم أنه حكيم لا يفعل إلا الأصلح، فيشكر عند النعمة، ويصبر عند الشدة.
ثم قال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: (فإنك لا تسمع) يا محمد (الموتى ولا تسمع الصم الدعاء) شبه الكفار في ترك تدبرهم فيما يدعوهم إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم تارة