قومهم فجاؤوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين (47) الله الذي يرسل الريح فتثير سحابا فيبسطه، في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون (48) وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين (49) فانظر إلى اثر رحمت الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شئ قدير (50).
القراءة: قرأ أبو جعفر، وابن ذكوان: (كسفا) بسكون السين. والباقون بتحريكها. وقد مضى القول فيه. وقرأ ابن عامر، وأهل الكوفة، غير أبي بكر:
إلى آثار على الجمع. والباقون: (أثر) بغير الألف على الواحد. وروي عن علي عليه السلام، وابن عباس، والضحاك: (من خلله). وعن الجحدري، وابن السميقع، وأبي حياة: (كيف تحيي) بالتاء.
الحجة: قال أبو علي: الإفراد في أثر لأنه مضاف إلى مفرد، وجاز الجمع لأن رحمة الله يجوز أن يراد به الكثرة، كما قال سبحانه (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها). وقوله (كيف يحيي الأرض): يجوز أن يكون فاعل (يحيي) الضمير العائد إلى (أثر)، ويجوز أن يكون الضمير العائد إلى اسم الله، وهو الأولى. ومن رد الضمير إلى (أثر) لزمه أن يقول (تحيي) بالتاء إذا قرأ: آثار رحمة الله. فأما من قرأ (من خلله)، فيجوز أن يكون خلل واحد خلال، كجبل وجبال. ويجوز أن يكون خلال واحدا عاقب خللا كالصلأ والصلاء. ومن قرأ (إلى أثر رحمت الله كيف تحيي (بالتاء)، فإنما جاز ذلك، وإن كان لا يجوز. أما ترى إلى غلام هند كيف تضرب زيدا بالتاء، لأن الرحمة قد يقوم مقامها أثرها، ولا يقوم مقام هند غلامها، تقول:
رأيت عليك النعمة، ورأيت عليك أثر النعمة. ولا يعبر عن هند بغلامها.
الاعراب: (وليذيقكم): عطف على المعنى، وتقديره: يرسل الرياح ليبشركم بها، وليذيقكم. وقوله (كيف يشاء) تقديره: أي مشيئة يشاء، فيكون مفعولا مطلقا ليشاء. وقوله (كيف يحيي الأرض): يجوز أن يكون (كيف في