عبدوها ليشفعوا لهم شفعاء تشفع لهم، أو تدفع عنهم كما زعموا أنا نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى. (وكانوا بشركائهم كافرين) يعني أن المشركين يتبرأون من الأوثان، وينكرون كونها آلهة، ويقرون بأن الله لا شريك له، عن الجبائي، وأبي مسلم.
(ويوم تقوم الساعة) أي: تظهر القيامة (يومئذ يتفرقون) فيصير المؤمنون أصحاب اليمين، والمشركون أصحاب الشمال، فيتفرقون تفرقا لا يجتمعون بعده.
وقال الحسن: لئن كانوا اجتمعوا في الدنيا، ليتفرقن يوم القيامة هؤلاء في أعلى عليين، وهؤلاء في أسفل السافلين، وهو قوله (فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون) أي: في الجنة ينعمون ويسرون سرورا يبين أثره عليهم، عن قتادة، ومجاهد. ومنه قيل: كل حبرة تتبعها عبرة. والروضة: البستان المتناهي منظرا وطيبا. وقال ابن عباس: يحبرون أي: يكرمون. وقيل: يلذذون بالسماع عن يحيى بن أبي كثير، والأوزاعي.
أخبرنا أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن أحمد البيهقي قال: أخبرنا جدي الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي قال: حدثنا أبو سعيد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن بندار قال: حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن القرباني قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي قال: حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن خالد بن معدان، عن أبي أمامة الباهلي: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما من عبد يدخل الجنة، إلا ويجلس عند رأسه، وعند رجليه، ثنتان من الحور العين تغنيانه بأحسن صوت سمعه الإنس والجن، وليس بمزمار الشيطان، ولكن بتمجيد الله وتقديسه).
وعن أبي الدرداء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يذكر الناس فذكر الجنة، وما فيها من الأزواج والنعيم، وفي القوم أعرابي، فجثا لركبتيه وقال: يا رسول الله! هل في الجنة من سماع؟ قال: (نعم يا أعرابي، إن في الجنة نهرا حافتاه الأبكار من كل بيضاء، يتغنين بأصوات لم يسمع الخلائق بمثلها قط، فذلك أفضل نعيم الجنة).
قال الراوي: سألت أبا الدرداء: بم يتغنين؟ قال: بالتسبيح. وعن إبراهيم:
إن في الجنة لأشجارا عليها أجراس من فضة، فإذا أراد أهل الجنة السماع، بعث الله ريحا من تحت العرش، فتقع في تلك الأشجار، فتحرك تلك الأجراس بأصوات لو