المشركون (مثلا من أنفسكم) أي: بين لكم شبها لحالكم ذلك المثل من أنفسكم.
ثم بينه فقال: (هل لكم مما ملكت أيمانكم) أي. من عبيدكم وإمائكم (من شركاء فيما رزقناكم) من المال والأملاك والنعم أي: هل يشاركونكم في أموالكم، وهو قوله (فأنتم فيه سواء) أي: فأنتم وشركاؤكم من عبيدكم وإمائكم، فيما رزقناكم شرع سواء. (تخافونهم) أن يشاركوكم فيما ترثونه من آبائكم (كخيفتكم أنفسكم) أي: كما يخاف الرجل الحر شريكه الحر في المال، يكون بينهما أن ينفرد دونه فيه بأمر، وكما يخاف الرجل شريكه في الميراث أن يشاركه، لأنه يحب أن ينفرد به، فهو يخاف شريكه، يعني أن هذه الصفة لا تكون بين المالكين والمملوكين، كما تكون بين الأحرار. ومعنى أنفسكم ههنا: أمثالكم من الأحرار كقوله: (ولا تلمزوا أنفسكم)، وكقوله: (ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا) أي: بأمثالهم من المؤمنين والمؤمنات، والمعنى: إنكم إذا لم ترضوا في عبيدكم أن يكونوا شركاء لكم في أموالكم وأملاككم، فكيف ترضون لربكم أن يكون له شركاء في العبادة. قال سعيد بن جبير: لأنه كانت تلبية قريش: (لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك إلا شريكا هولك، تملكه وما ملك). فأنزل الله تعالى الآية ردا عليهم، وإنكارا لقولهم.
(كذلك) أي: كما ميزنا لكم هذه الأدلة (نفصل الآيات) أي: الأدلة (لقوم يعقلون) فيتدبرون ذلك. ثم قال سبحانه مبينا لهم أنهم إنما اتبعوا أهواءهم فيما أشركوا به: (بل اتبع الذين ظلموا) أي: أشركوا بالله (أهوائهم) في الشرك (بغير علم) يعلمونه جاءهم من الله (فمن يهدي من أضل الله) أي: فمن يهدي إلى الثواب والجنة من أضله الله عن ذلك، عن الجبائي. وقيل: معناه من أضل عن الله الذي هو خالقه، ورازقه، والمنعم عليه مع ما نصبه له من الأدلة، فمن يهديه بعد ذلك، عن أبي مسلم قال: وهو من قولهم: أضل فلان بعيره. بمعنى ضل بعيره عنه. قال الشاعر:
هبوني امرأ منكم أضل بعيره له ذمة، إن الذمام كثير وإنما المعنى: ضل بعيره عنه. (وما لهم من ناصرين) ينصرونهم، ويدفعون عنهم عذاب الله تعالى إذا حل بهم. ثم خاطب سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، والمراد جميع المكلفين، وقال: (فأقم وجهك للدين) أي: أقم قصدك للدين، والمعنى: كن معتقدا للدين. وقيل: معناه أثبت ودم على الاستقامة. وقيل: معناه أخلص دينك،