فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون (56) فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون (57) ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم باية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون (58) كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون (59) فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون (60).
القراءة: قرأ أهل الكوفة: (لا ينفع) بالياء. والباقون بالتاء. وكذلك في حم المؤمن. ووافق نافع أهل الكوفة في. حم المؤمن.
الحجة: قال أبو علي: التأنيث حسن لأن المعذرة اسم مؤنث. وأما التذكير فلأن التأنيث غير حقيقي. وقد وقع الفصل بين الفعل وفاعله، والفصل يحسن التذكير.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن علماء المؤمنين في ذلك اليوم فقال: (وقال الذين أوتوا العلم والإيمان) أي: آتاهم الله العلم بما نصب لهم من الأدلة الموجبة له، فنظروا فيها، فحصل لهم العلم، فلذلك أضافه إلى نفسه، لما كان هو الناصب للأدلة على العلوم، والتصديق بالله وبرسوله. (لقد لبثتم) أي: مكثتم (في كتاب الله) ومعناه إن لبثكم ثابت في كتاب الله، ثبته الله فيه، وهو قوله (ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون). وهذا كما يقال: إن كل ما يكون فهو في اللوح المحفوظ أي: هو مثبت فيه، والمراد لقد لبثتم في قبوركم.
(إلى يوم البعث). وقيل: إن الذين أوتوا العلم والإيمان هم الملائكة.
وقيل: هم الأنبياء. وقيل: هم المؤمنون. وقيل: إن هذا على التقديم، وتقديره:
وقال الذين أوتوا العلم في كتاب الله، وهم الذين يعلمون كتاب الله والإيمان، لقد لبثتم إلى يوم البعث. وقال الزجاج: في كتاب الله أي: في علم الله المثبت في اللوح المحفوظ (فهذا يوم البعث) الذي كنتم تنكرونه في الدنيا. (ولكنكم كنتم لا تعلمون) وقوعه في الدنيا فلم ينفعكم العلم به الآن. ويدل على هذا المعنى قوله (فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا) أنفسهم بالكفر (معذرتهم) فلا يمكنون من