هؤلاء الذين يقولون هذا القول، جند مهزومون مغلوبون من جملة الكفار الذين تحزبوا على الأنبياء، وأنت منصور عليهم، مظفر غالب. وقيل. هم أحزاب الذين حاربوا نبينا صلى الله عليه وآله وسلم يوم الخندق. ووجه اتصاله بما قبله أن المعنى: كيف يرتقون إلى السماء وهم فرق من قبائل شتى مهزومون (كذبت قبلهم) أي: قبل هؤلاء الكفار.
(قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد) وقيل في معناه أقوال أحدها: إنه كانت له ملاعب من أوتاد يلعب له عليها، عن ابن عباس، وقتادة، وعطا. والثاني: إنه كان يعذب الناس بالأوتاد، وذلك أنه إذا غضب على أحد وتد يديه ورجليه ورأسه على الأرض، عن السدي، والربيع بن أنس، ومقاتل، والكلبي. والثالث: إن معناه ذو البنيان. والبنيان: أوتاد، عن الضحاك. والرابع: إن المعنى ذو الجنود، والجموع الكثيرة، بمعنى أنهم يشدون ملكه، ويقوون أمره، كما يقوي الوتد الشئ، عن الجبائي، والقتيبي. والعرب تقول: هو في عز ثابت الأوتاد. والأصل فيه أن بيوتهم إنما ثبتت بالأوتاد. قال الأسود بن يعفر:
ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة * في ظل ملك ثابت الأوتاد والخامس: إنه سمي ذو الأوتاد لكثرة جيوشه السائرة في الأرض، وكثرة أوتاد خيامهم، فعبر بكثرة الأوتاد عن كثرة الأجناد. (وثمود) يعني قوم صالح (وقوم لوط وأصحاب الأيكة) وهم قوم شعيب (أولئك الأحزاب). لما ذكر سبحانه هؤلاء المكذبين، أعلمنا أن مشركي قريش حزب من هؤلاء الأحزاب، ومعناه: هم الأحزاب حقا أي. أحزاب الشيطان كما يقال: هم هم، قال:
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم * هم القوم كل القوم، يا أم خالد (1) و (إن كل إلا كذب الرسل) أي: ما كل حزب منهم إلا كذب الرسل (فحق عقاب) أي. فوجب عليهم عقابي بتكذيبهم رسلي (وما ينظر) أي: وما ينتظر (هؤلاء) يعني كفار مكة (إلا صيحة واحدة) وهي النفخة الأولى في الصور (ما لها من فواق) أي: لا يكون لتلك الصيحة إفاقة بالرجوع إلى الدنيا، عن قتادة، والسدي. والمراد: إن عقوبة أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعذاب الاستئصال، مؤخرة إلى يوم