وروى أصحابنا عن ميسر بن عبد العزيز، عن الصادق عليه السلام أنه قال: الظالم لنفسه منا من لا يعرف حق الامام، والمقتصد منا: العارف بحق الامام. والسابق بالخيرات هو الامام، وهؤلاء كلهم مغفور لهم. وعن زياد بن المنذر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: وأما الظالم لنفسه منه، فمن عمل عملا صالحا وآخر سيئا. وأما المقتصد فهو المتعبد المجتهد. وأما السابق بالخيرات: فعلي، والحسن، والحسين عليهم السلام، ومن قتل من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم شهيدا.
والقول الاخر: إن الفرقة الظالمة لنفسها غير ناجية. قال قتادة: الظالم لنفسه أصحاب المشأمة. والمقتصد: أصحاب الميمنة، والسابق بالخيرات هم السابقون المقربون من الناس كلهم، كما قال سبحانه: (وكنتم أزواجا ثلاثة). وقال عكرمة، عن ابن عباس: إن الظالم هو المنافق. والمقتصد والسابق من جميع الناس. وقال الحسن: السابقون هم الصحابة، والمقتصدون هم التابعون، والظالمون هم المنافقون (1).
فإن قيل: لم قدم الظالم، وأخر السابق، وإنما يقدم الأفضل؟ فالجواب:
إنهم يقدمون الأدنى في الذكر على الأفضل قال سبحانه: (يولج الليل في النهار)، وقال (يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور)، وقال: (خلق الموت والحياة)، وقال: (فمنكم كافر ومنكم مؤمن). وقيل: إنما قدم الظالم لئلا ييأس من رحمته، وأخر السابق لئلا يعجب بعلمه. وقيل: إنما رتبهم هذا الترتيب على مقامات الناس، لان أحوال الناس ثلاث: معصية، وغفلة، ثم التوبة، ثم القربة. فإذا عصى فهو ظالم، وإذا تاب فهو مقتصد، وإذا صحت توبته وكثرت مجاهدته اتصل بالله، وصار من جملة السابقين.
وقوله: (بإذن الله) أي: بأمره، وتوفيقه، ولطفه (ذلك هو الفضل الكبير) معناه: إن إيراث الكتاب، واصطفاء الله إياهم، هو الفضل العظيم من الله عليهم (جنات عدن يدخلونها) هذا تفسير للفضل، كأنه قيل: ما ذلك الفضل؟ فقال:
هي جنات أي: جزاء جنات، أو دخول جنات. ويجوز أن يكون بدلا من الفضل،