حلية ملبوسة. واللام من قوله (لتبتغوا) يتعلق بمواخر، لأن المعنى: إن الفلك يشق الماء للابتغاء من فضل الله. وقوله (من دونه): في موضع الحال من الضمير المحذوف من قوله (تدعون) والتقدير: والذين تدعونهم كائنين من دونه.
المعنى. ثم نسق سبحانه على ما تقدم من دلائل التوحيد، فقال. (والله خلقكم من تراب) بان خلق أباكم آدم منه، فإن الشئ يضاف إلى أصله. وقيل:
أراد به آدم عليه السلام نفسه (ثم من نطفة) أي. ماء الرجل والمرأة (ثم جعلكم أزواجا) أي: ذكورا وإناثا. وقيل: ضروبا وأصنافا (وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه) أي: وما تحصل من الإناث حاملة ولدها في بطنها، إلا بعلم الله تعالى، والمعنى:
إلا وهو عالم بذلك. (وما يعمر من معمر) معناه: وما يمد في عمر معمر أي. ولا يطول عمر أحد.
(ولا ينقص من عمره) أي:. من عمر ذلك المعمر بانقضاء الأوقات عليه، عن أبي مالك، يعني: ولا يذهب بعض عمره بمضي الليل والنهار. وقيل: معناه ولا ينقص من عمر غير ذلك المعمر، عن الحسن، والضحاك، وابن زيد وقيل: هو ما يعلمه الله تعالى، أن فلانا لو أطاع لبقي إلى وقت كذا، وإذا عصى نقص عمره فلا يبقى، فالنقصان على ثلاثة أوجه: اما أن يكون من عمر المعمر، أو من عمر معمر آخر، أو يكون بشرط.
(إلا في كتاب) أي: إلا وذلك مثبت في الكتاب، وهو الكتاب المحفوظ.
أثبته الله تعالى قبل كونه. قال سعيد بن جبير: مكتوب في أم الكتاب عمر فلان كذا سنة، ثم يكتب أسفل ذلك ذهب يوم، ذهب يومان، ذهب ثلاثة أيام، حتى يأتي على آخر عمره. (إن ذلك على اليسير) يعني: إن تعمير من يعمره، ونقصان من ينقصه، وإثبات ذلك في الكتاب، سهل على الله تعالى، غير متعذر.
ثم قال: (وما يستوي البحران) يعني العذب والمالح. ثم ذكرهما فقال:
(هذا عذب فرات) أي: طيب بارد (سائغ شرابه) أي: جائز في الحلق هنئ (وهذا ملح أجاج) شديد الملوحة، عن ابن عباس، وما بعد هذا مفسر في سورة النحل إلى آخر الآية. (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) أي. يدخل أحدهما في الاخر بالزيادة والنقصان. (وسخر الشمس والقمر) أي: يجريهما كما يريد (كل يجري لأجل مسمى) أي: لوقت معلوم. وقد مضى تفسيره (ذلكم الله