زمن. وقد بين الله سبحانه أن المسيح كان يصور بأمر الله من الطين كهيئة الطير.
وقال ابن عباس: كانوا يعملون صور الأنبياء والعباد في المساجد، ليقتدى بهم.
وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: والله ما هي تماثيل النساء والرجال، ولكنه الشجر وما أشبه.
(وجفان كالجواب) أي: صحاف كالحياض التي يجبى فيها الماء أي:
يجمع، وكان سليمان عليه السلام يصلح طعام جيشه في مثل هذه الجفان، فإنه لم يمكنه أن يطعمهم في مثل قصاع الناس لكثرتهم. وقيل: إنه كان يجمع على كل جفنة ألف رجل يأكلون بين يديه. (وقدور راسيات) أي: ثابتات لا يزلن عن أمكنتهن لعظمهن، عن قتادة، وكانت باليمن. وقيل. كانت عظيمة كالجبال يحملونها مع أنفسهم، وكان سليمان يطعم جنده.
ثم نادى سبحانه آل داود، وأمرهم بالشكر على ما أنعم به عليهم من هذه النعمة العجيبة، لأن نعمته على سليمان نعمة عليهم، فقال: (اعملوا آل داود شكرا) أي: قلنا لهم: يا آل داود اعملوا بطاعة الله شكرا له على ما آتاكم من النعم، عن مجاهد. وفي هذا دلالة على وجوب شكر النعمة، وأن الشكر طاعة المنعم وتعظيمه. وفيه إشارة أيضا إلى أن لقرابة أنبياء الله تعالى أثرا في القرب إلى رضى الله، حين خص آل داود بالأمر.
(وقليل من عبادي الشكور) والفرق بين الشكور والشاكر: أن الشكور من تكرر منه الشكر. والشاكر: من وقع منه الشكر. قال ابن عباس. أراد به المؤمن الموحد. وفي هذا دلالة على أن المؤمن الشاكر يقل في كل عصر. (فلما قضينا عليه الموت) أي: فلما حكمنا على سليمان بالموت. وقيل. معناه أوجبنا على سليمان الموت (ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته) أي: ما دل الجن على موته إلا الأرضة، ولم يعلموا موته حتى أكلت عصاه، فسقط، فعلموا أنه ميت.
وقيل: إن سليمان كان يعتكف في مسجد بيت المقدس السنة والسنتين، والشهر والشهرين، وأقل وأكثر، يدخل فيه طعامه وشرابه، ويتعبد فيه. فلما كان في المرة التي مات فيها، لم يكن يصبح يوما إلا وتنبت شجرة كان يسألها سليمان فتخبره عن اسمها، ونفعها، وضرها. فرأى يوما نبتا فقال: ما اسمك؟ قال: الخرنوب.