قال: وبنى سليمان المسجد بالرخام الأبيض، والأصفر، والأخضر، وعمده بأساطين المها الصافي، وسقفه بألواح الجواهر، وفضض سقوفه وحيطانه باللآلئ واليواقيت والجواهر، وبسط أرضه بألواح الفيروزج، فلم يكن في الأرض بيت أبهى ولا أنور من ذلك المسجد. كان يضئ في الظلمة كالقمر ليلة البدر.
فلما فرغ منه، جمع إليه أحبار بني إسرائيل، فأعلمهم أنه بناه لله تعالى، واتخذ ذلك اليوم الذي فرغ منه عيدا. فلم يزل بيت المقدس على ما بناه سليمان، حتى غزا بخت نصر بني إسرائيل، فخرب المدينة وهدمها، ونقض المسجد، وأخذ ما في سقوفه وحيطانه من الذهب والفضة، والدر واليواقيت، والجواهر، فحملها إلى دار مملكته من أرض العراق.
قال سعيد بن المسيب: لما فرغ سليمان من بناء بيت المقدس، تغلقت أبوابه، فعالجها سليمان فلم تنفتح، حتى قال في دعائه: بصلوات أبي داود إلا فتحت الأبواب، ففتحت. ففرغ له سليمان عشرة آلاف من قراء بني إسرائيل:
خمسة آلاف بالليل، وخمسة آلاف بالنهار. فلا تأتي ساعة من ليل ولا نهار إلا ويعبد الله فيها.
(وتماثيل) يعني صورا من نحاس، وشبه (1)، وزجاج، ورخام، كانت الجن تعملها. ثم اختلفوا فقال بعضهم: كانت صورا للحيوانات، وقال آخرون. كانوا يعملون صور السباع والبهائم على كرسيه، ليكون أهيب له، فذكروا أنهم صوروا أسدين أسفل كرسيه، ونسرين فوق عمودي كرسيه، فكان إذا أراد أن يصعد الكرسي، بسط الأسدان ذراعيهما، وإذا علا على الكرسي، نشر النسران أجنحتهما فظللاه من الشمس. ويقال. إن ذلك كان مما لا يعرفه أحد من الناس.. فلما حاول بخت نصر صعود الكرسي بعد سليمان، حين غلب على بني إسرائيل، لم يعرف كيف كان يصعد سليمان، فرفع الأسد ذراعيه، فضرب ساقه فقدها، فوقع مغشيا عليه. فما جسر أحد بعده أن يصعد ذلك الكرسي.
قال الحسن: ولم تكن يومئذ التصاوير محرمة، وهي محظورة في شريعة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فإنه قال: (لعن الله المصورين). ويجوز أن يكره ذلك في زمن دون