صعدوا باعمال العباد، ولهم زجل وصوت عظيم، فتحسب الملائكة أنها الساعة، فيخرون سجدا، ويفزعون. فإذا علموا أنه ليس ذلك قالوا. ماذا قال ربكم؟ قالوا:
الحق وثانيها: إن الفترة لما كانت بين عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبعث الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم، أنزل الله سبحانه جبرائيل بالوحي. فلما نزل ظنت الملائكة أنه نزل بشئ من أمر الساعة، فصعقوا لذلك. فجعل جبرائيل يمر بكل سماء، ويكشف عنهم الفزع، فرفعوا رؤوسهم، وقال بعضهم لبعض: ماذا قال ربكم؟ قالوا:
الحق، يعني الوحي، عن مقاتل، والكلبي وثالثها. إن الله تعالى إذا أوحى إلى بعض ملائكته، لحق الملائكة غشى عند سماع الوحي، ويصعقون ويخرون سجدا للآية العظيمة. فإذا فزع عن قلوبهم سألت الملائكة ذلك الملك الذي أوحي إليه.
ماذا قال ربك؟ أو يسأل بعضهم بعضا، فيعلمون أن الأمر في غيرهم، عن ابن مسعود، واختاره الجبائي.
(وهو العلي) أي. السيد القادر المطاع. وقيل. العلي في صفاته (الكبير) في قدرته (قل من يرزقكم من السماوات والأرض) فإنهم لا يمكنهم أن يقولوا ترزقنا آلهتنا التي نعبدها. ثم عند ذلك (قل الله) الذي يرزقكم (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) إنما قال ذلك على وجه الانصاف في الحجاج، دون الشك، كما يقول القائل لغيره: أحدنا كاذب، وإن كان هو عالما بالكاذب. وعلى هذا يقول أبو الأسود الدئلي، يمدح أهل البيت عليهم السلام:
يقول الأرذلون بنو قشير: * طوال الدهر لا تنسى عليا (1) بنو عم النبي، وأقربوه، * أحب الناس كلهم إليا فإن يك حبهم رشدا أصبه، * ولست بمخطئ إن كان غيا لم يقل هذا لكونه شاكا في محبتهم، وقد أيقن أن محبتهم رشد وهدى.
وقيل: إنه جمع بين الخبرين، وفوض التمييز إلى العقول، فكأنه قال: أنا على هدى، وأنتم على ضلال، كقول امرئ القيس: