معناه: إن فعلتم ذلك يصلح لكم أعمالكم، بأن يلطف لكم فيها حتى تستقيموا على الطريقة المستقيمة السليمة من الفساد، ويوفقكم لما فيه الصلاح والرشاد. وقيل:
معناه يزكي أعمالكم، ويتقبل حسناتكم، عن ابن عباس، ومقاتل.
(ويغفر لكم ذنوبكم) باستقامتكم في الأقوال والأفعال (ومن يطع الله ورسوله) في الأوامر والنواهي (فقد فاز فوزا عظيما) أي: فقد أفلح افلاحا عظيما.
وقيل: فقد ظفر برضوان الله وكرامته. (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال) اختلف في معنى الأمانة فقيل: هي ما أمر الله به من طاعته، ونهى عنه من معصيته، عن أبي العالية. وقيل: هي الأحكام والفرائض التي أوجبها الله تعالى على العباد، عن ابن عباس، ومجاهد، وهذان القولان متقاربان. وقيل: هي أمانات الناس، والوفاء بالعهود. فأولها ائتمان آدم ابنه قابيل على أهله وولده، حين أراد التوجه إلى مكة، عن أمر ربه، فخان قابيل إذ قتل هابيل، عن السدي والضحاك.
واختلف في معنى عرض الأمانة على هذه الأشياء. وقيل فيه أقوال أحدها: إن المراد العرض على أهلها، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، وعرضها عليهم هو تعريفه إياهم أن في تضييع الأمانة الإثم العظيم، وكذلك في ترك أوامر الله تعالى وأحكامه. فبين سبحانه جرأة الانسان على المعاصي، وإشفاق الملائكة من ذلك، فيكون المعنى عرضنا الأمانة على أهل السماوات والأرض والجبال، من الملائكة والجن والإنس، (فأبين أن يحملنها) أي: فأبى أهلهن أن يحملوا تركها وعقابها، والمأثم فيها. (وأشفقن منها) أي: وأشفق أهلهن من حملها. (وحملها الانسان إنه كان ظلوما) لنفسه بارتكاب المعاصي.
(جهولا) بموضع الأمانة في استحقاق العقاب على الخيانة فيها، عن أبي علي الجبائي، وقال: إذا لم يصح حمله على نفس السماوات والأرض والجبال، فلا بد أن يكون المراد به أهلها، لأنه يجب أن يكون المراد به المكلفين دون غيرهم، لأن ذلك لا يصح إلا فيهم. ولا بد من أن يكون المراد بحمل الأمانة تضييعها، لأن نفس الأمانة قد حملتها الملائكة، وقامت بها. قال الزجاج: كل من خان الأمانة فقد حملها، ومن لم يحمل الأمانة فقد أداها، وكذلك كل من أثم فقد احتمل الإثم. قال الله سبحانه: (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم). فقد أعلم الله سبحانه أن من