وقيل: ضعف في الإيمان. (ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا) قال ابن عباس: إن المنافقين قالوا: يعدنا محمد أن يفتح مدائن كسرى وقيصر، ونحن لا نأمن أن نذهب إلى الخلاء، هذا والله الغرور. (وإذ قالت طائفة منهم) يعني عبد الله بن أبي، وأصحابه، عن السدي. وقيل: هم بنو سالم من المنافقين، عن مقاتل. وقيل: إن القائل لذلك أوس بن قبطي، ومن وافقه على رأيه، عن يزيد بن رومان. (يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا) أي: لا إقامة لكم ههنا، أو لامكان لكم تقومون فيه للقتال إذا فتح الميم، فارجعوا إلى منازلكم بالمدينة، وأرادوا الهرب من عسكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
(ويستأذن فريق منهم النبي) في الرجوع إلى المدينة، وهم بنو حارثة، وبنو سلمة (يقولون إن بيوتنا عورة) ليست بحريزة، مكشوفة ليست بحصينة، عن ابن عباس، ومجاهد. وقيل: معناه بيوتنا خالية من الرجال، نخشى عليها السراق، عن الحسن. وقيل: قالوا بيوتنا مما يلي العدو، ولا نأمن على أهلينا، عن قتادة، فكذبهم الله تعالى فقال: (وما هي بعورة) بل هي رفيعة السمك، حصينة، عن الصادق عليه السلام. (ان يريدون) أي: ما يريدون (إلا فرارا) وهربا من القتال ونصرة المؤمنين.
(ولو دخلت) أي: ولو دخلت البيوت، أو دخلت المدينة (عليهم) أي: ولو دخل هؤلاء الذين يريدون القتال، وهم الأحزاب على الذين يقولون إن بيوتنا عورة، وهم المنافقون (من أقطارها) أي: من نواحي المدينة، أو البيوت (ثم سئلوا الفتنة لأتوها) أي: ثم دعوا هؤلاء إلى الشرك، لأشركوا. فالمراد بالفتنة الشرك، عن ابن عباس. (وما تلبثوا بها إلا يسيرا) أي: وما احتبسوا عن الإجابة إلى الكفر إلا قليلا، عن قتادة. وقيل: معناه وما أقاموا بالمدينة بعد إعطائهم الكفر، إلا قليلا حتى يعاجلهم الله بالعذاب، عن الحسن، والفراء.
ثم ذكرهم الله سبحانه عهدهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالثبات في المواطن، فقال:
(ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل) أي: من قبل الخندق. (لا يولون الأدبار) أي:
بايعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وحلفوا له أنهم ينصرونه، ويدفعون عنه، كما يدفعون عن نفوسهم، ولا يرجعون عن مقاتلة العدو، ولا ينهزمون. قال مقاتل: يريد ليلة