وقيل. بخلاء بالنفقة في سبيل الله والنصرة، عن قتادة، ومجاهد. ومعناه: لا ينصرونكم. ثم أخبر عن جبنهم، فقال: (فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى) أي: كعين الذي يغشى (عليه من الموت) وهو الذي قرب من حال الموت، وغشيته أسبابه، فيذهل ويذهب عقله، ويشخص بصره، فلا يطرف، كذلك هؤلاء تشخص أبصارهم، وتحار أعينهم من شدة خوفهم.
(فإذا ذهب الخوف) والفزع، وجاء الأمن والغنيمة (سلقوكم بألسنة حداد) أي: آذوكم بالكلام، وخاصموكم بألسنة سليطة ذربة، عن الفراء. وقيل: معناه بسطوا ألسنتهم فيكم وقت قسمة الغنيمة، يقولون اعطونا اعطونا فلستم بأحق بها منا عن قتادة قال فأما عند البأس فأجبن قوم وأخذلهم للحق وأما عند الغنيمة فأشح قوم، وهو قوله (أشحة على الخير) أي: بخلاء بالغنيمة، يشاحون المؤمنين عند القسمة. وقيل:
معناه بخلاء بأن يتكلموا بكلام فيه خير، عن الجبائي.
(أولئك) يعني من تقدم وصفهم (لم يؤمنوا)، كما آمن غيرهم، وإلا لما فعلوا ذلك. (فأحبط الله أعمالهم) لأنها لم تقع على الوجوه التي يستحق عليها الثواب، إذ لم يقصدوا بها وجه الله تعالى. وفي هذا دلالة على صحة مذهبنا في الإحباط (1) لأن المنافقين ليس لهم ثواب فيحبط، فليس إلا أن جهادهم الذي لم يقارنه إيمان، لم يستحقوا عليه ثوابا.
(وكان ذلك) الإحباط، أو كان نفاقهم (على الله يسيرا) أي: هينا. ثم وصف سبحانه هؤلاء المنافقين فقال: (يحسبون الأحزاب لم يذهبوا) أي: يظنون أن الجماعات من قريش وغطفان وأسد، واليهود الذين تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لم ينصرفوا، وقد انصرفوا. وإنما ظنوا ذلك لجبنهم، وفرط حبهم قهر