وهو أب لهم. وكذلك هو في مصحف أبي. وروي ذلك عن أبي جعفر، وأبي عبد الله عليهم السلام. قال مجاهد: وكل نبي أب لأمته، ولذلك صار المؤمنون أخوة، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبوهم في الدين. وواحدة الأنفس، وهي خاصة الحيوان الحساسة الداركة التي هي أنفس ما فيه. ويحتمل أن يكون اشتقاقه من التنفس الذي هو التروح. ويحتمل أن يكون من النفاسة لأنه أجل ما فيه وأكرمه.
(وأزواجه أمهاتهم) المعنى: إنهن للمؤمنين كالأمهات في الحرمة، وتحريم النكاح. ولسن أمهات لهم على الحقيقة، إذ لو كن كذلك لكانت بنتاه أخوات المؤمنين على الحقيقة، فكان لا يحل للمؤمن التزويج بهن. فثبت أن المراد به يعود إلى حرمة العقد عليهن لا غير، لأنه لم يثبت من أحكام الأمومة بين المؤمنين وبينهن، سوى هذه الواحدة. ألا ترى أنه لا يحل للمؤمنين رؤيتهن، ولا يرثن المؤمنين، ولا يرثونهن. ولهذا قال الشافعي. (وأزواجه أمهاتهم): في معنى دون معنى، وهو: أنهن محرمات على التأبيد، وما كن محارم في الخلوة والمسافرة.
وهذا معنى ما رواه مسروق، عن عائشة أن امرأة قالت لها. يا أمه! فقالت لست لك بأم، إنما أنا أم رجالكم. فعلى هذا لا يجوز أن يقال لإخوانهن وأخواتهن، أخوال المؤمنين، وخالات المؤمنين. قال الشافعي: تزوج الزبير أسماء بنت أبي بكر، ولم يقل هي خالة المؤمنين.
(وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله المؤمنين والمهاجرين):
وهو مفسر في آخر الأنفال، وأولو الأرحام هم ذوو الأنساب. لما ذكر سبحانه أن أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمهات المؤمنين، عقبه بهذا، وبين أنه لا توارث إلا بالولادة والرحم، والمعنى: إن ذوي القرابات بعضهم أولى بميراث بعض من المؤمنين أي:
من الأنصار والمهاجرين أي الذين هاجروا من مكة إلى المدينة. وقيل: معناه من المؤمنين والمتواخين والمهاجرين، فصارت هذه الآية ناسخة للتوارث بالهجرة والمؤاخاة في الدين، دالة على أن الميراث بالقرابة، فمن كان أقرب في قرباه فهو أحق بالميراث من الأبعد.
(إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا) هذا استثناء منقطع، ومعناه. لكن إن فعلتم إلى أوليائكم المؤمنين وخلفائكم ما يعرف حسنه وصوابه، فهو حسن. قال السدي: عنى بذلك وصية الرجل لإخوانه في الدين. وقال غيره: لما نسخ التوارث