الانسان. بين سبحانه أنه ليس بابن على الحقيقة. ونزلت في زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، من بني عبد ود، تبناه النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل الوحي، وكان قد وقع عليه السبي، فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسوق عكاظ. فلما نبئ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعاه إلى الاسلام فأسلم، فقدم أبو حارثة مكة، وأتى أبا طالب، وقال: سل ابن أخيك، فإما أن يبيعه، وإما أن يعتقه. فلما قال ذلك أبو طالب لرسول الله، قال: هو حر فليذهب حيث شاء. فأبى زيد أن يفارق رسول الله صلى الله وآله وسلم فقال حارثة: يا معشر قريش! اشهدوا أنه ليس ابني. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اشهدوا أنه ابني - يعني زيدا - فكان يدعى زيد بن محمد.
فلما تزوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم زينب بنت جحش، فكانت تحت زيد بن حارثة، قالت اليهود والمنافقون: تزوج محمد امرأة ابنه، وهو ينهى الناس عنها. فقال الله سبحانه: ما جعل الله من تدعونه ولدا، وهو ثابت النسب من غيركم، ولدا لكم.
(ذلكم قولكم بأفواهكم) أي: إن قولكم الدعي ابن الرجل، شئ تقولونه بألسنتكم، لا حقيقة له، عند الله تعالى. (والله يقول الحق) الذي يلزم اعتقاده، وله حقيقة، وهو أن الزوجة لا تصير بالظهار أما والدعي لا يصير بالتبني ابنا. (وهو يهدي السبيل) أي: يرشد إلى طريق الحق، ويدل عليه (أدعوهم لآبائهم) الذين ولدوهم، وانسبوهم إليهم، أو إلى من ولدوا على فراشهم (هو أقسط عند الله) أي:
أعدل عند الله قولا وحكما. وروى سالم عن ابن عمر، قال: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد، حتى نزل في القرآن: (أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله) أورده البخاري في الصحيح.
(فإن لم تعلموا آباءهم) أي: لم تعرفوا بأعيانهم (فإخوانكم في الدين) أي: فهم إخوانكم في الملة، فقولوا: يا أخي. (ومواليكم) أي: بنو أعمامكم.
قال الزجاج: ويجوز أن يكون المراد أولياءكم في الدين في وجوب النصرة. وقيل:
معناه معتقوكم ومحرروكم إذا أعتقتموهم من رق، فلكم ولاؤهم. (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به) أي: ليس عليكم حرج في نسبته إلى المتبني، إذا ظننتم أنه أبوه، ولم تعلموا أنه ليس بابن له، فلا يؤاخذكم الله به.
(ولكن ما تعمدت قلوبكم) أي: ولكن الإثم والجناح فيما تعمدت قلوبكم،