ونفسا تنهاني. فنزل ذلك فيه، عن الحسن. وقيل: هو رد على المنافقين، والمعنى. ليس لأحد قلبان يؤمن بأحدهما، ويكفر بالآخر، وإنما هو قلب واحد، فإما أن يؤمن، وإما أن يكفر، عن أبي مسلم. وقيل: إنه يتصل بقوله: (وما جعل أدعياءكم أبناءكم) والتقدير: إنه كما لم يجعل لرجل قلبين في جوفه، لم يجعل ابن الانسان ابنا لغيره.
وقيل: بل يتصل بما قبله، والمعنى: إنه لا يمكن الجمع بين اتباعين متضادين اتباع الوحي والقرآن، واتباع أهل الكفر والطغيان، فكنى عن ذلك بذكر القلبين، لأن الاتباع يصدر عن الاعتقاد، والاعتقاد من أفعال القلوب، فكما لا يجتمع قلبان في جوف واحد، لا يجتمع اعتقادان متضادان في قلب واحد. وقال أبو عبد الله عليه السلام:
ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، يحب بهذا قوما، ويحب بهذا أعداءهم.
واختلف العلماء في أنه هل يجوز أن يكون لإنسان واحد قلبان؟ فمنع بعضهم من ذلك، وقال: إن ذلك يؤدي إلى أن لا ينفصل انسان من إنسانين، لأنه يصح أن يريد بأحد قلبيه ما يكرهه بالقلب الآخر، فيصير كشخصين. وجوز بعضهم ذلك، وقال:
كما أن الانسان الواحد يجوز أن يكون له قلب كثير الأجزاء، ويمتنع أن يريد ببعض الأجزاء ما يكرهه البعض الآخر، لأن الإرادة والكراهة وإن وجدتا في جزءين من القلب، فالحالتان الصادرتان عنهما يرجعان إلى الجملة، وهي جملة واحدة، فاستحال اجتماع معنيين ضدين في حي واحد. ويجوز أن يكون معنيان مختلفان، أو مثلان في جزءين من القلب، ويوجبان الصفتين للحي الواحد، فكذلك القياس إذا كان المعنيان في قلبين، إذا كان ما يوجد فيهما يرجع إلى حي واحد، إلا أن السمع ورد بالمنع من ذلك.
(وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم) يقال: ظاهر من امرأته، وتظاهر، وتظهر، وهو أن يقول لها: أنت علي كظهر أمي. وكانت العرب تطلق نساءها في الجاهلية بهذا اللفظ. فلما جاء الاسلام نهوا عنه، وأوجبت الكفارة على من ظاهر من امرأته، وسنذكره في سورة المجادلة. والمعنى: إن الله تعالى أعلمنا أن الزوجة لا تصير أما، فقال: وما جعل نساءكم اللائي تقولون: هن علينا كظهر أمهاتنا، أمهاتكم، لأن أمهاتكم على الحقيقة هن اللائي ولدنكم وأرضعنكم.
(وما جعل أدعياءكم أبناءكم): الأدعياء: جمع الدعي وهو الذي يتبناه