يمتعهم باللات والعزى سنة. قالوا: لتعلم قريش منزلتنا منك. وقوله (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه): نزلت في أبي معمر، جميل بن معمر بن حبيب الفهري.، وكان لبيبا، حافظا لما يسمع، وكان يقول: إن في جوفي لقلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد! فكانت قريش تسميه ذا القلبين. فلما كان يوم بدر، وهزم المشركون، وفيهم أبو معمر، وتلقاه أبو سفيان بن حرب، وهو آخذ بيده إحدى نعليه، والأخرى في رجله، فقال له: يا أبا معمر! ما حال الناس؟ قال:
انهزموا. قال: فما بالك إحدى نعليك في يدك، والأخرى في رجلك؟ فقال أبو معمر: ما شعرت إلا أنهما في رجلي، فعرفوا يومئذ أنه لم يكن له إلا قلب واحد، لما نسي نعله في يده.
المعنى: خاطب سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا أيها النبي اتق الله) أي: أثبت على تقوى الله، ودم عليه. وقيل: معناه اتق الله في إجابة المشركين إلى ما التمسوه. وقيل: إن بعض المسلمين هموا بقتل أولئك الذين قدموا المدينة بأمان، فقال: اتق الله في نقض العهد. (ولا تطع الكافرين والمنافقين) مر بيانه. وقيل:
إنه عام، وهو الوجه. والكافر هو الذي يظهر الكفر ويبطنه، والمنافق هو الذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر. (إن الله كان عليما) بما يكون قبل كونه (حكيما) فيما يخلقه.
ولما نهاه عن متابعة الكفار، وأهل النفاق، أمره باتباع أوامره ونواهيه على الإطلاق فقال: (واتبع ما يوحى إليك من ربك) من القرآن، والشرائع، فبلغه، واعمل به. (إن الله كان بما تعملون خبيرا) أي: لا يخفى عليه شئ من أعمالكم، فيجازيكم بحسبها، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. (وتوكل على الله) أي. فوض أمورك إلى الله حتى لا تخاف غيره، ولا ترجو إلا خيره. (وكفى بالله وكيلا) أي: قائما بتدبيرك، حافظا لك، ودافعا عنك.
(ما جعل لرجل من قلبين في جوفه) فإن أمر الرجل الواحد لا ينتظم ومعه قلبان، فكيف تنتظم أمور العالم وله إلهان معبودان؟ وقيل. إنه نزل في أبي معمر على ما مر بيانه، عن مجاهد، وقتادة. وإحدى الروايتين، عن ابن عباس. وقيل:
إن المنافقين كانوا يقولون إن لمحمد قلبين ينسبونه إلى الدهاء، فأكذبهم الله تعالى بذلك، عن ابن عباس. وقيل: إن رجلا كان يقول إن لي نفسين: نفسا تأمرني