بعضهم ظن أن الكفار تغلبهم، فظن بعضهم أنهم يستولون على المدينة، وظن بعضهم أن الجاهلية تعود كما كانت، وظن بعضهم أن ما وعد الله ورسوله من نصرة الدين وأهله غرور. فأقسام الظنون كثيرة، خصوصا ظن الجبناء.
النظم: اتصل قوله (النبي أولى بالمؤمنين) بقوله: (وما جعل أدعياءكم أبناءكم)، فإنه سبحانه لما بين أن التبني عليه لا يجوز، بين عقيبه أنه مع ذلك أولى بالمؤمنين من أنفسهم، من حيث إنه ولاه الله أمرهم، فيلزمهم طاعته، والانقياد له.
وأصل الولاية لله تعالى كما قال (هنالك الولاية لله) فلا حظ فيها لأحد، إلا لمن ولاه سبحانه. وإلى هذا المعنى أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الغدير في قوله (ألست أولى بكم منكم بأنفسكم). فلما قالوا: بلى. قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه) والمولى بمعنى الأولى بدلالة قوله (مأواكم النار هي مولاكم) أي: أولى بكم، وقول لبيد:
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه مولى المخافة خلفها، وأمامها (1) أي: أولى بالمخافة. ثم عاد سبحانه إلى الكلام في تأكيد نبوة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم بذكر ما أخذ على النبيين من الميثاق في هذا الباب، وعقب ذلك ببيان آياته ومعجزاته يوم الأحزاب، وذكر ما أنعم عليه وعلى المؤمنين من النصر، مع ما أعده لهم من الثواب.
(قصة غزوة الخندق) ذكر محمد بن كعب القرظي، وغيره من أصحاب السير، قالوا: كان من حديث الخندق أن نفرا من اليهود منهم سلام بن أبي الحقيق، وحيي بن أخطب، في جماعة من بني النضير الذين أجلاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرجوا حتى قدموا على قريش بمكة، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقالوا: إنا سنكون معكم عليهم حتى نستأصلهم. فقالت لهم قريش: يا معشر اليهود! إنكم أهل الكتاب الأول، فديننا خير أم دين محمد؟ قالوا: بل دينكم خير من دينه، فأنتم أولى بالحق منه، فهم الذين انزل الله فيهم: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب، يؤمنون بالجبت