بالمؤاخاة والهجرة، أباح الوصية فيوصي لمن يتولاه بما أحب من الثلث، فمعنى المعروف هنا: الوصية. وحكي عن محمد بن الحنفية وعكرمة وقتادة. أن معناه الوصية لذوي القرابات من المشركين. وقيل: إن هذا لا يصح لأنه تعالى نهى عن ذلك بقوله إلا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء). وقد أجاز كثير من الفقهاء الوصية للقرابة الكافرة. وقال أصحابنا: إنها جائزة للوالدين والولد.
(كان ذلك) أي: نسخ الميراث بالهجرة، ورده إلى أولي الأرحام من القرابات. (في الكتاب) أي: في اللوح المحفوظ. وقيل: في القرآن. وقيل:
في التوراة. (مسطورا) أي: مكتوبا. و (من) في قوله (من المؤمنين والمهاجرين) يحتمل أمرين أحدهما: ما ذكرناه والآخر: أن يكون التقدير: وأولو الأرحام من المؤمنين والمهاجرين أولى بالميراث.
(وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم) أي: واذكر يا محمد حين أخذ الله الميثاق على النبيين خصوصا، بأن يصدق بعضهم بعضا، ويتبع بعضهم بعضا، عن قتادة.
وقيل: أخذ ميثاقهم على أن يعبدوا الله، ويدعوا إلى عبادة الله، وأن يصدق بعضهم بعضا، وأن ينصحوا لقومهم، عن مقاتل. (ومنك)، يا محمد. وإنما قدمه لفضله وشرفه (ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم) خص هؤلاء بالذكر لأنهم أصحاب الشرائع.
(وأخذنا منهم ميثاقا غليظا) أي: عهدا شديدا على الوفاء بما حملوا من أعباء الرسالة، وتبليغ الشرائع. وقيل: على أن يعلنوا أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويعلن محمد صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا نبي بعده وإنما أعاد ذكر الميثاق على وجه التغليظ، وذكره في أول الآية مطلقا، وفي آخرها مقيدا، بزيادة صفة.
ثم بين سبحانه الفائدة في أخذ الميثاق فقال: (ليسئل الصادقين عن صدقهم) قيل: معناه إنما فعل ذلك ليسأل الأنبياء المرسلين: ما الذي جاءت به أممكم، عن مجاهد. وقيل: ليسأل الصادقين في توحيد الله، وعدله، والشرائع، عن صدقهم أي عما كانوا يقولونه فيه تعالى، فيقال لهم. هل ظلم الله تعالى أحدا، هل جازى كل انسان بفعله، هل عذب بغير ذنب، ونحو ذلك، فيقولون: نعم، عدل في حكمه، وجازى كلا بفعله. وقيل: معناه ليسأل الصادقين في أقوالهم عن صدقهم في أفعالهم. وقيل. ليسأل الصادقين: ماذا قصدتم بصدقكم وجه الله أو غيره، ويكون فيه