الكاف في محل النصب بأنه صفة لمصدر محذوف.
المعنى: ثم وصف سبحانه القيامة فقال: (يومئذ يتبعون الداعي) أي: يوم القيامة يتبعون صوت داعي الله الذي ينفخ في الصور، وهو إسرافيل عليه السلام. (لا عوج له) أي: لدعاء الداعي، ولا يعدل عن أحد، بل يحشرهم جميعا، عن أبي مسلم. وقيل: معناه لا عوج لهم عن دعائه، لا يميلون عنه، ولا يعدلون عن ندائه أي: يتبعونه سراعا، ولا يلتفتون يمينا، ولا شمالا، عن الجبائي. (وخشعت الأصوات للرحمن) أي: خضعت الأصوات بالسكون لعظمة الرحمن، عن ابن عباس. (فلا تسمع إلا همسا) وهو صوت الأقدام، عن ابن عباس وابن زيد أي:
لا تسمع من صوت أقدامهم إلا صوتا خفيا، كما يسمع من وطء الإبل. وقيل:
الهمس إخفاء الكلام، عن مجاهد. وقيل: معناه إن الأصوات العالية بالأمر والنهي في الدنيا ينخفض ويذل أصحابها، فلا تسمع منهم إلا الهمس.
(يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا) أي. لا تنفع ذلك اليوم شفاعة أحد في غيره، إلا شفاعة من أذن الله له في أن يشفع ورضي قوله فيها من الأنبياء والأولياء، والصالحين والصديقين والشهداء. ثم قال سبحانه: (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) الضمير يرجع إلى الذين يتبعون الداعي أي: يعلم سبحانه جميع أقوالهم وأفعالهم قبل أن خلقهم، وبعد أن خلقهم، وما كان في حياتهم وبعد مماتهم، لا يخفى عليه شئ من أمورهم، تقدم أو تأخر، عن أبي مسلم. وقيل.
يعلم ما بين أيديهم من أحوال الآخرة، وما خلفهم من أحوال الدنيا (ولا يحيطون به علما) أي: ولا يحيطون هم بالله علما أي: بمقدوراته ومعلوماته. وقيل: بكنه عظمته في ذاته وأفعاله. وقيل. لا يحيطون علما بما بين أيديهم، وما خلفهم، إلا من أطلعه الله على ذلك، عن الجبائي. وقيل: معناه ولا يدركونه بشئ من الحواس حتى يحيط علمهم به.
(وعنت الوجوه للحي القيوم) أي: خضعت وذلت خضوع الأسير في يد من قهره. والمراد خضع أرباب الوجوه، وأسلموا الحكم للحي الذي لم يمت، ولا يموت. وإنما أسند الفعل إلى الوجوه، لأن أثر الذل يظهر عليها. وقيل: المراد بالوجوه الرؤساء والقادة والملوك أي: يذلون وينسلخون عن ملكهم وعزهم. وقد سبق معنى الحي القيوم في مواضع. (وقد خاب من حمل ظلما) أي: وقد خاب عن