على هذا الضرب من الكلام ما النافية بالنكرة فلا إذا في قوله (لا مساس) نفي للفعل كقولك: لا أمسك ولا أقرب منك، فكأنه حكاية قول القائل مساس، فكأنه قال: لا أقول مساس. قال الكميت: (لا همام لي لا همام) (1) أي: لا أقول همام. ولا بد أن تكون الحكاية مقدرة. ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول: لا أضرب، فتنفي بلا لفظ الأمر لتنافي اجتماع لفظ الأمر والنهي. فالحكاية إذا معتقدة مقدرة. وأما قوله (وسع كل شئ علما) فمعناه على ما قاله ابن جني: إنه خرق كل مصمت بعلمه، لأنه بطن كل مخفي، فصار لعلمه فضاء متسعا بعد ما كان متلاقيا مجتمعا، ومنه قوله تعالى: (إن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما) وهذا في العمل، وذاك في العلم. والوجه في قوله (ننفخ في الصور): (فنفخنا فيه من روحنا)، وقوله فيما بعده (ونحشر)، والوجه في الياء قوله (يوم ينفخ في الصور)، و (نفخ في الصور). وأما قوله (في الصور): فإنه جمع صورة، وقد يقال فيها صير، وأصله صور قال:
أشبهن من بقر الخلصاء أعينها، * فهن أحسن من صيرانها صيرا (2) وصورا أيضا. قال أبو عبيدة: الصور جمع صورة. ويقال. الصور القرن.
ويقال. فيه ثقب بعدد نفوس البشر، فإذا نفخ فيه قام الناس من الأرماس.
اللغة: ظلت: أصله ظللت، وللعرب فيها مذهبان: فتح الظاء وكسرها. فمن قال: ظلت ترك الظاء على حالها. ومن قال ظلت بالكسر: نقل حركة اللام إليها للإشعار بأصلها. ومثله مست ومست في مسست، وهل أحست في أحسست. قال الشاعر:
خلا أن العتاق من المطايا * أحسن به فهن إليه شوس (3) لننسفنه: يقال نسف فلان الطعام بالمنسف. إذا ذراه ليطير عنه قشوره.