والصفصف: الموضع المستوي الذي لا نبات به، كأنه على صف واحد في استوائه. والقاع: الأرض الملساء. وقيل: مستنقع الماء، وجمعه أقواع وقيعان وقيعة. والأمت: الأكمة. ويقال: مد حبله حتى ما ترك فيه أمتا وملأ سقاءه حتى ما ترك فيه أمتا أي: انثناء. قال الشاعر: (ما في انجذاب سيره من أمت).
المعنى: ثم حكى سبحانه عن موسى عليه السلام: (قال) للسامري (فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس) واختلف في معناه فقيل: إنه أمر الناس بأمر الله أن لا يخالطوه، ولا يجالسوه، ولا يؤاكلوه، تضييقا عليه، والمعنى: لك أن تقول لا أمس ولا أمس ما دمت حيا. قال ابن عباس: لك ولولدك. والمساس. فعال من المماسة، ومعنى لا مساس: لا يمس بعضنا بعضا. فصار السامري يهيم في البرية مع الوحش والسباع، لا يمس أحدا، ولا يمسه أحد. عاقبه الله تعالى بذلك. وكان إذا لقي أحدا يقول: لا مساس أي: لا تقربني، ولا تمسني. وصار ذلك عقوبة له ولولده حتى إن بقاياهم اليوم يقولون ذلك، وإن مس واحد من غيرهم واحدا منهم حم كلاهما في الوقت. وقيل: إن السامري خاف وهرب، فجعل يهيم في البرية، لا يجد أحدا من الناس يمسه، حتى صار لبعده عن الناس كالقائل لا مساس، عن الجبائي.
(وإن لك موعدا لن تخلفه) أي: وعدا لعذابك، يعني يوم القيامة لن تخلف ذلك الوعد، ولن يتأخر عنك. قال الزجاج: المعنى يكافيك الله على ما فعلت يوم القيامة.
(وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا) معناه: وانظر إلى معبودك الذي ظلت على عبادته مقيما، يعني العجل (لنحرقنه) بالنار (ثم لننسفنه في اليم نسفا) أي: لنذرينه في البحر. قال ابن عباس: فحرقه، ثم ذراه في البحر. وهذا يدل على أنه كان حيوانا لحما ودما. وعلى القراءة الأخرى لنحرقنه أي: لنبردنه بالمبرد يدل على أنه كان ذهبا وفضة، ولم يصر حيوانا. ونبه عليه السلام بذلك على أن ما يمكن سحقه، أو إحراقه، لا يصلح للعبادة. وقال الصادق عليه السلام: إن موسى عليه السلام هم بقتل السامري، فأوحى الله سبحانه إليه: لا تقتله يا موسى، فإنه سخي.
ثم أقبل موسى على قومه فقال: (إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو) أي: هو