(أخرجنا لهم دابة من الأرض) تخرج بين الصفا والمروة، فتخبر المؤمن بأنه مؤمن، والكافر بأنه كافر، وعند ذلك يرتفع التكليف، ولا تقبل التوبة، وهو علم من أعلام الساعة. وقيل: لا يبقى مؤمن إلا مسحته، ولا يبقى منافق إلا خطمته، تخرج ليلة جمع، والناس يسيرون إلى منى، عن ابن عمر. وروى محمد بن كعب القرظي قال: سئل علي صلوات الرحمن عليه عن الدابة؟ فقال: أما والله ما لها ذنب، وإن لها للحية. وفي هذا إشارة إلى أنها من الإنس. وروي عن أبن عباس أنها دابة من دواب الأرض لها زغب وريش، ولها أربع قوائم. وعن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: دابة الأرض طولها ستون ذراعا لا يدركها طالب، ولا يفوتها هارب، فتسم المؤمن بين عينيه، وتكتب بين عينيه مؤمن، وتسم الكافر بين عينيه، وتكتب بين عينيه كافر. ومعها عصا موسى، وخاتم سليمان، فتجلو وجه المؤمن بالعصا. وتختم أنف الكافر بالخاتم، حتى يقال: يا مؤمن، ويا كافر.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه يكون للدابة ثلاث خرجات من الدهر، فتخرج خروجا بأقصى المدينة، فيفشو ذكرها في البادية، ولا يدخل ذكرها القرية، يعني مكة. ثم تمكث زمانا طويلا، تخرج خرجة أخرى قريبا من مكة، فيفشو ذكرها في البادية، ويدخل ذكرها القرية، يعني مكة. ثم سار الناس يوما في أعظم المساجد على الله، عز وجل، حرمة، وأكرمها على الله يعني المسجد الحرام، لم ترعهم إلا وهي في ناحية المسجد، تدنو وتدنو كذا ما بين الركن الأسود إلى باب بني مخزوم، عن يمين الخارج في وسط من ذلك، فيرفض الناس عنها، ويثبت لها عصابة، عرفوا أنهم لن يعجزوا الله. فخرجت عليهم تنفض رأسها من التراب، فمرت بهم، فجلت عن وجوههم، حتى تركتها كأنها الكواكب الدرية، ثم ولت في الأرض، لا يدركها طالب، ولا يعجزها هارب، حتى إن الرجل ليقوم فيتعوذ منها بالصلاة، فتأتيه من خلفه، فتقول: يا فلان الآن تصلي؟ فيقبل عليها بوجهه، فتسمه في وجهه.
فيتجاور الناس في ديارهم، ويصطحبون في أسفارهم، ويشتركون في الأموال، يعرف الكافر من المؤمن، فيقال للمؤمن يا مؤمن، وللكافر يا كافر.
وروي عن وهب أنه قال: ووجهها وجه رجل، وسائر خلقها خلق الطير. ومثل هذا لا يعرف إلا من النبوات الإلهية. وقد روي عن علي عليه السلام أنه قال: إنه صاحب العصا والميسم. وروى علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره عن أبي عبد الله عليه السلام