(بل هم في شك منها) في الدنيا، عن ابن عباس. والمعنى: إن ما جهلوه في الدنيا، وسقط علمه عنهم، علموه في الآخرة. وقيل: معناه اجتمع علمهم يوم القيامة، فلم يشكوا، ولم يختلفوا، عن السدي. وقال مقاتل: يقول بل علموا في الآخرة حين عاينوها ما شكوا وعموا عنه في الدنيا. وقيل: إن هذا على وجه الاستفهام، فحذف الألف، والمراد به النفي، بمعنى أنه لم يدرك علمهم بالآخرة، ولم يبلغها علمهم. وقيل. معناه أدرك هذا العلم جميع العقلاء، لو تفكروا ونظروا، لأن العقل يقتضي أن الإهمال قبيح، فلا بد من تكليف، والتكليف يقتضي الجزاء.
وإذا لم يكن ذلك في الدنيا، فلا بد من دار للجزاء. وقيل: إن الآية إخبار عن ثلاث طوائف: طائفة أقرت بالبعث، وطائفة شكت فيه، وطائفة نفته. كما قال (بل هم في أمر مريج).
وقوله (بل هم منها عمون) أي: عن معرفتها. وهو جمع عمي، وهو الأعمى القلب لتركه التدبر والنظر. (وقال الذين كفروا) بإنكارهم البعث: (أإذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون) من القبور مبعوثون. يقولون ذلك على طريق الاستبعاد والاستنكار. (لقد وعدنا هذا) البعث (نحن) فيما مضى (وآباؤنا من قبل) أي:
ووعد آباؤنا ذلك من قبلنا، فلم يكن مما قالوه شئ. (إن هذا إلا أساطير الأولين) أي: أحاديثهم وأكاذيبهم التي كتبوها (قل) يا محمد (سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين) الذين كفروا بالله وعصوه أي: كيف أهلكهم الله، وخرب ديارهم.
(ولا تحزن عليهم) أي: على تكذيبهم، وتركهم الإيمان. (ولا تكن في ضيق) وهو ما يضيق به الصدر (مما يمكرون) أي: يدبرون في أمرك، فإن الله تعالى يحفظك، وينصرك عليهم (ويقولون متى هذا الوعد) الذي تعدنا يا محمد من العذاب (إن كنتم صادقين) بأنه يكون. (قل) يا محمد (عسى أن يكون ردف لكم) أي: قرب لكم، عن ابن عباس. وقيل: أقرب لكم، عن السدي. وقيل:
أردف لكم، عن قتادة (بعض الذي تستعجلون) من العذاب. وعسى من الله واجب، فمعناه: أنه قرب منكم، وسيأتيكم. وهذا البعض الذي دنا لهم القتل والأسر يوم بدر، وسائر العذاب لهم فيما بعد الموت. وقيل: هو الإنذار عند الموت وشدته، وعذاب القبر، عن الجبائي.