بالاستفهام فيهما جميعا بهمزتين، همزتين. وقرأ ابن كثير: (في ضيق) بكسر الضاد. والباقون بفتحها.
الحجة: قال أبو علي: إن علم قد يصل بالجار كقوله تعالى: (ألم يعلم بأن الله يرى) وقولهم: علمي بزيد يوم الجمعة. ومعنى أدرك: بلغ ولحق، يقال:
فلان أدرك الحسن أي: لحق أيامه. وهذا ما أدركه علمي أي: بلغه. فالمعنى أنهم لم يدركوا علم الآخرة أي: لم يعلموا حدوثها وكونها. ودل على ذلك قوله: (بل هم في شك منها بل هم منها عمون) أي: بل هم من علمها عمون. وإذا كان كذلك، كان معنى قوله (في الآخرة) معنى الباء أي: لم يدركوا علمها، ولم ينظروا في حقيقتها، فيدركوا. ولهذا قرأ من قرأ (أدرك) كأنه أراد لم يدركوه، كما تقول:
أجئتني أمس أي: لم تجئني. والمعنى: لم يدرك علمهم بحدوث الآخرة، بل هم في شك منها، بل هم من علمها عمون. والعمى عن علم الشئ أبعد منه من الشاك فيه، لأن الشك قد يعرض عن ضرب من النظر. والعمى عن الشئ: الذي لم يدرك منه شيئا.
وأما من قال (إدارك) فإنه أراد تدارك، فأدغم التاء في الدال لمقاربتها لها، وكونها من حيزها. فلما سكتت التاء للإدغام اجتلبت لها همزة الوصل، كما اجتلبتها في نحو (ادارأتم). وفي التنزيل (حتى إذا اداركوا فيها) كان معناها تلاحقوا.
قال: (تداركتم الاحلاف قد ثل عرشها) (1).
وما روي عن أبي بكر (بل أدرك) معناه: افتعل من أدركت. وافتعل وتفاعل يجيئان بمعنى. ومن ثم صح قولهم ازدوجوا، وإن كان الحرف على صورة يجب فيها الانقلاب، ولكنه صح لما كان بمعنى تفاعلوا. وتفاعلوا يلزم فيه تصحيح حروف العلة، لسكون الحرف الذي قبل حرف العلة. فصار تصحيح هذا كتصحيح عور وحول. لما كان بمعنى أعور واحول.
ومن قرأ (بل درك): فإنه خفف الهمزة بحذفها، وإلقاء حركتها على اللام .