الساكنة قبلها، نحو: قد فلح في (قد أفلح). وأما قوله: (بل أدرك) فإن بل استئناف، وما بعدها استفهام، كما تقول: أزيد عندك بل أعمرو عندك، تركا للأول إلى غيره. وأما (بلى) (1) فكأنه جواب، وذلك لأنه لما قال: (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) فكأن قائلا قال: ما الأمر كذلك، فقيل له: بلى.
ثم استؤنف فقيل. أدرك علمهم في الآخرة. وقد سبق ذكر الاستفهامين فيما تقدم، وكذلك ذكر الضيق والضيق، والأولى أن يحمل على أنهما لغتان.
اللغة: قال ابن الأعرابي. ردفت وأردفت، ولحقت وألحقت بمعنى.
وترادفوا: تلاحقوا. قال المبرد: اللام في (ردف لكم) قيل: إنه إنما أتي باللام، لأن معنى ردف: دنا، فكأنه قال: دنا لكم، كما قال الشاعر:
فقلت لها: الحاجات يطرحن بالفتى * وهم تعناني معنى ركائبه (2) قال: يطرحن بالفتى لما كان معنى يطرحن يرمين. وكننت الشئ في نفسي، وأكننته: إذا سترته في نفسك، فهو مكن ومكنون. قال الرماني: الإكنان جعل الشئ بحيث لا يلحقه أذى بمانع يصده عنه.
الاعراب: العامل في إذا معنى قوله (مخرجون)، لأن ما بعد أن، لا يعمل فيما قبل أن، فالتقدير أإذا كنا ترابا أخرجنا. وهذا في محل نصب، لأنه مفعول ثان لوعد. (عسى أن يكون ردف لكم): يكون اسمه ضمير الأمر والشأن، وما بعده خبره. وأن يكون وما يتعلق به في محل رفع بأنه فاعل (عسى).
المعنى: لما أخبر سبحانه عن الكفار أنهم لا يشعرون متى يبعثون، وأنهم شاكون، عقبه بأنهم يعلمون حقيقة ذلك يوم القيامة، فقال: (بل إدارك علمهم في الآخرة) أي: تتابع منهم العلم، وتلاحق حتى كمل علمهم في الآخرة، بما أخبروا به في الدنيا، فهو على لفظ الماضي، والمراد به الاستقبال أي: يتدارك. ومن قرأ (أدرك) فمعناه: سيدرك علمهم هذه الأشياء في الآخرة، حين لا ينفعهم اليقين.
.