سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم). وقال قتادة:
كانوا لا يجاهلون أهل الجهل. وقال ابن عباس: لا يجهلون مع من يجهل. قال الحسن: هذه صفة نهارهم إذا انتشروا في الناس، وليلهم خير ليل، إذا خلوا فيما بينهم، وبين ربهم، يراوحون بين أطوافهم، وهو قوله (والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما) قال الزجاج: كل من أدركه الليل فقد بات، نام أو لم ينم، والمعنى:
يبيتون لربهم بالليل في الصلاة ساجدين وقائمين، طالبين لثواب ربهم، فيكونون سجدا في مواضع السجود، وقياما في مواضع القيام.
(والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما) أي:
يدعون بهذا القول وغراما أي لازما ملحا دائما غير مفارق. (إنها ساءت مستقرا ومقاما) أي: إن جهنم بئس موضع قرار وإقامة هي. (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا) واختلف في معنى الإسراف فقيل: هو النفقة في المعاصي. والإقتار:
الإمساك عن حق الله تعالى، عن ابن عباس وقتادة. وقيل: السرف مجاوزة الحد في النفقة. والإقتار: التقصير عما لا بد منه، عن إبراهيم النخعي. وروي عن معاذ أنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك فقال: " من أعطى في غير حق فقد أسرف، ومن منع عن حق فقد قتر ". وروي عن أمير المؤمنين، عليه أفضل الصلاة، أنه قال: ليس في المأكول والمشروب سرف، وإن كثر.
(وكان بين ذلك قواما) أي: وكان إنفاقهم بين الإسراف والإقتار، لا إسرافا يدخلون به في حد التبذير، ولا تضييقا يصيرون به في حد المانع لما يجب. وهذا هو المحمود. والقوام من العيش: ما أقامك وأغناك. وقيل: القوام بالفتح وهو العدل والاستقامة، وبالكسر ما يقوم به الأمر ويستقر، عن تغلب. وقال أبو عبد الله عليه السلام:
القوام هو الوسط. وقال عليه السلام: أربعة لا يستجاب لهم دعوة: رجل فاتح فاه جالس في بيته فيقول: يا رب ارزقني، فيقول له: ألم آمرك بالطلب. ورجل كانت له امرأة يدعو عليها يقول: يا رب أرحني منها، فيقول: ألم أجعل أمرها بيدك. ورجل كان له مال فأفسده فيقول: يا رب ارزقني فيقول: ألم آمرك بالاقتصاد. ورجل كان له مال فأدانه بغير بينة، فيقول: ألم آمرك بالشهادة.
(والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) أي: لا يجعلون لله سبحانه شريكا بل يوجهون عبادتهم إليه وحده. (ولا يقتلون النفس التي حرم الله) أي: حرم الله قتلها