علقته بخبر كان أي: ثابتا بين ذلك فيكون خبرا بعد خبر، المعنى: ثم مدح سبحانه نفسه بأن قال: (تبارك) وقد مر معناه في أول السورة. (الذي جعل في السماء بروجا) يريد منازل النجوم السبعة السيارة التي هي: زحل والمشتري والمريخ والشمس والزهرة وعطارد والقمر، وهي اثنا عشر برجا: الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت. وقيل: هي النجوم الكبار، عن الحسن ومجاهد وقتادة.
وسميت بروجا لظهورها. (وجعل فيها سراجا) يعني الشمس. ومن قرأ (سرجا) أراد الشمس والكواكب معها. (وقمرا منيرا) أي: مضيئا بالليل إذا لم تكن شمس (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة) أي: يخلف كل واحد منهما صاحبه فيما يحتاج أن يعمل فيه. فمن فاته عمل الليل استدركه بالنهار، ومن فاته عمل النهار استدركه بالليل، وهو قوله لمن أراد أن يذكر، عن عمر بن الخطاب وابن عباس والحسن. وروي ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تقضي صلاة النهار بالليل، وصلاة الليل بالنهار. وقيل: معناه إنه جعل كل واحد منهما مخالفا لصاحبه، فجعل أحدهما أسود، والآخر أبيض، عن مجاهد. (لمن أراد أن يذكر) أي: يتفكر، ويستدل بذلك على أن لهما مدبرا ومصرفا لا يشبههما، ولا يشبهانه، فيوجه العبادة إليه (أو أراد شكورا) يقال: شكر يشكر شكرا وشكورا أي: أراد شكر نعمة ربه عليه فيهما. وعلى القول الأول فمعناه: أو أراد النافلة بعد أداء الفريضة. (وعباد الرحمن) يريد: أفاضل عباده. وهذه إضافة التخصيص والتشريف، كما يقال: ابني من يطيعني أي: ابني الذي أنا عنه راض، ويكون توبيخا لأولاده الذين لا يطيعونه.
(الذين يمشون على الأرض هونا) أي: بالسكينة والوقار والطاعة، غير أشرين، ولا مرحين، ولا متكبرين، ولا مفسدين، عن ابن عباس ومجاهد. وقال أبو عبد الله عليه السلام: هو الرجل يمشي بسجيته التي جبل عليها، لا يتكلف ولا يتبختر. وقيل:
معناه حلماء علماء لا يجهلون، وإن جهل عليهم، عن الحسن. وقيل: أعفاء أتقياء، عن الضحاك.
(وإذا خاطبهم الجاهلون) بما يكرهونه أو يثقل عليهم (قالوا) في جوابه (سلاما) أي: سدادا من القول لا يقابلونهم بمثل قولهم من الفحش، عن مجاهد.
وقيل: سلاما أي: قولا يسلمون فيه من الإثم، أو سلموا عليهم دليله قوله: (وإذا