(وذريتنا) على الإفراد فإنه أراد به الجمع، فاستغنى عن جمعه، لما كان جمعا.
ومن جمع فكما يجمع هذه الأسماء التي تدل على الجمع، نحو قوم وأقوام. وجاء في الحديث: " صواحبات يوسف ". وحجة من قرأ (ويلقون) قوله: (ولقاهم نضرة وسرورا). وحجة من خفف: (فسوف يلقون غيا). ومن قرأ (فقد كذب الكافرون) ترك لفظ الحضور إلى الغيبة، ألا ترى أن قبله: (قل ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم).
اللغة: القرة: مصدر. يقال: قرت عينه قرة. ويكون من القرور وهو برد العين عند السرور. ويكون أيضا من استقرارها عند السرور. وقوله إماما: مصدر من أم فلان فلانا إماما، كما قيل: قام قياما، وصام صياما. ولذلك وحده هنا من جمع إماما فقال: أئمة، فلأنه قد كثر في معنى الصفة. وقيل: إنه إنما وحد لأنه جاء على الجواب، كقول القائل: من أميركم؟ فيقول المجيب: هؤلاء أميرنا. قال الشاعر.
يا عاذلاتي! لا تردن ملامتي، إن العواذل لسن لي بأمير (1) وقيل: إنما وحد لأن المعنى: واجعل كل واحد منا إماما، فأجمل. فالمعنى معنى التفصيل. وقال الزجاج: تأويل (ما يعبؤ بكم): أي وزن يكون لكم عنده، كما يقال: ما عبأت بفلان أي: ما كان له عندي وزن ولا قدر. وأصل العب ء في اللغة. الثقل. وقيل: أصله من تهيئة الشئ، يقال: عبئت الطيب أعبؤ عبأ: إذا هيأته. قال الشاعر يصف أسدا:
كأن بنحره، وبمنكبيه، * عبيرا، بات تعبأه عروس (2) أي: تهيئه. وعبأت الجيش بالتشديد والتخفيف: إذا هيأته. وما أعبؤ به أي لا أهئ به أمرا.
المعنى: ثم قال سبحانه: (من تاب) أي: أقلع عن معاصيه، وندم عليها (وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا) أي: يرجع إليه مرجعا عظيما جميلا. وفرق علي بن عيسى بين التوبة إلى الله، والتوبة من القبيح لقبحه بأن التوبة إلى الله تقتضي طلب ثوابه، وليس كذلك التوبة من القبيح لقبحه. فعلى هذا يكون المعنى: من .