ولو بعد حين، فإنه الحي الذي لا يموت، فلن يفوته الانتقام. (وسبح بحمده) أي: احمده منزها له عما لا يجوز عليه في صفاته بأن تقول: الحمد لله رب العالمين، الحمد لله على نعمه وإحسانه الذي لا يقدر عليه غيره. الحمد لله حمدا يكافئ نعمه في عظيم المنزلة، وعلو المرتبة. وما أشبه ذلك. وقيل: معناه واعبده وصل له شكرا منك له على نعمه.
(وكفى به بذنوب عباده خبيرا) أي: عليما فيحاسبهم، ويجازيهم بها.
فحقيق بهم أن يخافوه، ويراقبوه (الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما) أي: ما بين هذين الصنفين (في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن) قد سبق تفسيره في سورة الأعراف. (فسئل به خبيرا) اختلف في تأويله فقيل: إن المعنى فاسأل عنه خبيرا. والباء بمعنى عن. والخبير ههنا هو الله تعالى، عن ابن جريج. وأنشد في قيام (الباء) مقام (عن) قول علقمة بن عبدة:
فإن تسألوني بالنساء فإنني * خبير بأدواء النساء طبيب يردن ثراء المال حيث وجدنه، * وشرخ الشباب عندهن عجيب (1) إذا شاب رأس المرء، أو قل ماله، * فليس له في ودهن نصيب وقول الأخطل:
دع المعمر لا تسأل بمصرعه، * واسأل بمصقلة البكري ما فعلا وقيل: إن الخبير هنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم والمعنى ليسأل كل منكم عن الله تعالى محمدا فإنه الخبير العارف به. قيل: إن الباء على أصلها، والمعنى: فاسأل بسؤالك أيها الانسان خبيرا يخبرك بالحق في صفته. ودل قوله (فاسأل) على السؤال، كما قالت العرب: " من كذب كان شرا له " أي: كان الكذب شرا له. ودل عليه كذب.
وقد مر ذكر أمثاله. وقيل: إن الباء فيه مثل الباء في قولك: لقيت بفلان ليثا: إذا وصفت شجاعته، ولقيت به غيثا: إذا وصفت سماحته. والمعنى أنك إذا رأيته رأيت الشئ المشبه به، والمعنى: فاسأله عنه فإنه لخبير به. وروي أن اليهود حكوا عن ابتداء خلق الأشياء بخلاف ما أخبر الله تعالى عنه، فقال سبحانه: (فاسأل به خبيرا)