يكاد زيتها يضئ، يكاد حجج القران تتضح، وإن لم تقرأ. وقيل: يكاد حجج الله على خلقه تضئ، لمن تفكر فيها وتدبرها، ولو لم ينزل القرآن. نور على نور:
يعني أن القرآن نور مع سائر الأدلة قبله، فازدادوا به نورا على نور، عن الحسن، وابن زيد. وعلى هذا فيجوز أن يكون المراد ترتب الأدلة، فإن الدلائل يترتب بعضها على بعض، ولا يكاد العاقل يستفيد منها إلا بمراعاة الترتيب، فمن ذهب عن الترتيب، فقد ذهب عن طريق الاستفادة. وقال مجاهد: ضوء نور السراج، على ضوء الزيت، على ضوء الزجاجة.
(يهدي الله لنوره من يشاء) أي: يهدي الله لدينه وإيمانه من يشاء، بأن يفعل له لطفا يختار عنده الإيمان إذا علم أن له لطفا. وقيل: معناه يهدي الله لنبوته وولايته من يشاء، ممن يعلم أنه يصلح لذلك. (ويضرب الله الأمثال للناس) تقريبا إلى الأفهام، وتسهيلا لدرك المرام. (والله بكل شئ عليم) فيضع الأشياء مواضعها (في بيوت أذن الله أن ترفع) معناه: هذه المشكاة في بيوت هذه صفتها، وهي المساجد في قول ابن عباس والحسن ومجاهد والجبائي، ويعضده قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " المساجد بيوت الله في الأرض وهي تضئ لأهل السماء كما تضئ النجوم لأهل الأرض ". ثم قيل: إنها أربع مساجد، لم يبنها إلا نبي: الكعبة بناها إبراهيم وإسماعيل، ومسجد بيت المقدس بناه سليمان، ومسجد المدينة ومسجد قبا بناهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل: هي بيوت الأنبياء. وروي ذلك مرفوعا أنه سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قرأ الآية: أي بيوت هذه؟ فقال: بيوت الأنبياء. فقام أبو بكر فقال: يا رسول الله! هذا البيت منها يعني بيت علي وفاطمة قال: نعم من أفاضلها.
ويعضد هذا القول قوله: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). وقوله: (ورحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت) فالإذن برفع بيوت الأنبياء والأوصياء مطلق. والمراد بالرفع التعظيم، ورفع القدر من الأرجاس، والتطهير من المعاصي والأدناس. وقيل: المراد برفعها رفع الحوائج فيها إلى الله تعالى.
(ويذكر فيها اسمه) أي: يتلى فيها كتابه، عن ابن عباس. وقيل: تذكر فيها أسماؤه الحسنى (يسبح له فيها بالغدو والآصال) أي: يصلى له فيها بالبكور والعشايا، عن ابن عباس والحسن والضحاك. وقال ابن عباس: كل تسبيح في القرآن صلاة. وقيل: المراد بالتسبيح تنزيه الله تعالى عما لا يجوز عليه، ووصفه بالصفات التي يستحقها لذاته، وأفعاله التي كلها حكمة وصواب. ثم بين سبحانه