البحر: معظمه الذي يتراكب أمواجه، فلا يرى ساحله. والتج البحر التجاجا.
المعنى: ثم ذكر سبحانه مثل الكفار، فقال: (والذين كفروا أعمالهم) التي يعملونها ويعتقدون أنها طاعات (كسراب بقيعة) أي: كشعاع بأرض مستوية (يحسبه الظمآن ماء) أي: يظنه العطشان ماء (حتى إذا جاءه لم يجده شيئا) أي: حتى إذا انتهى إليه، رأى أرضا لا ماء فيها، وهو قوله (لم يجده شيئا) أي: شيئا مما حسب وقدر، فكذلك الكافر يحسب ما قدم من عمله نافعا، وأن له عليه ثوابا، وليس له ثواب. (ووجد الله عنده فوفاه حسابه) قيل: معناه ووجد الله عند عمله، فجازاه على كفره. وهذا في الظاهر خبر عن الظمآن. والمراد به الخبر عن الكفار. ولكن لما ضرب الظمآن مثلا للكفار، جعل الخبر عنه كالخبر عنهم، والمعنى: وجد أمر الله، ووجد جزاء الله. وقيل: معناه وجد الله عنده بالمرصاد، فأتم له جزاه.
(والله سريع الحساب) لا يشغله حساب عن حساب فيحاسب الجميع على أفعالهم في حالة واحدة. وسئل أمير المؤمنين عليه السلام. كيف يحاسبهم في حالة واحدة؟ فقال: كما يرزقهم في حالة واحدة. وقيل: إن المراد به عتبة بن ربيعة، كان يلتمس الدين في الجاهلية، ثم كفر في الاسلام، عن مقاتل. ثم ذكر مثلا آخر لأعمالهم، فقال: (أو كظلمات) أي: أو أفعالهم مثل ظلمات (في بحر لجي) أي. عظيم اللجة لا يرى ساحله. وقيل: هو العميق الذي يبعد عمقه، عن ابن عباس. (يغشاه موج) أي. يعلو ذلك البحر اللجي موج.
(من فوقه موج) أي: فوق ذلك الموج موج (من فوقه سحاب) أي: من فوق الموج سحاب (ظلمات بعضها فوق بعض) يعني ظلمة البحر، وظلمة الموج، وظلمة السحاب، والمعنى: إن الكافر يعمل في حيرة، ولا يهتدي لرشده، فهو من جهله وحيرته، كمن هو في هذه الظلمات، لأنه من عمله وكلامه واعتقاده، متقلب في ظلمات. وروي عن أبي أنه قال. إن الكافر يتقلب في خمس ظلمات: كلامه ظلمة، وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، ومصيره يوم القيامة إلى الظلمة، وهي النار (إذا أخرج يده لم يكد يراها) اختلف في معناه فقيل: لا يراها، ولا يقارب رؤيتها، فهو نفي للرؤية، ونفي مقاربة الرؤية، لأن دون هذه الظلمة لا يرى فيها، عن الحسن، وأكثر المفسرين، ويدل عليه قول ذي الرمة: