يلوذ به الهلاك من آل هاشم، فهم عنده في نعمة، وفواضل لم يعن بقوله: أبيض، بياض لونه، وإنما أراد كثرة أفضاله وإحسانه، ونفعه، والاهتداء به. ولهذا المعنى سماه الله تعالى سراجا منيرا. (مثل نوره) فيه وجوه أحدها: إن المعنى مثل نور الله الذي هدى به المؤمنين، وهو الإيمان في قلوبهم، عن أبي بن كعب، والضحاك. وكان أبي يقرأ: مثل نور من آمن به والثاني: مثل نوره الذي هو القرآن في القلب، عن ابن عباس، والحسن، وزيد بن أسلم والثالث. إنه عنى بالنور محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأضافه إلى نفسه، تشريفا له، عن كعب، وسعيد بن جبير. فالمعنى مثل محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرابع: إن نوره سبحانه الأدلة الدالة على توحيده وعدله، التي هي في الظهور والوضوح مثل النور، عن أبي مسلم. الخامس: إن النور هنا الطاعة أي: مثل طاعة الله في قلب المؤمن، عن ابن عباس في رواية أخرى.
(كمشكاة فيها مصباح) المشكاة: هي الكوة في الحائط، يوضع عليها زجاجة، ثم يكون المصباح خلف تلك الزجاجة، ويكون للكوة باب آخر يوضع المصباح فيه، وقيل: المشكاة عمود القنديل الذي فيه الفتيلة، وهو مثل الكوة.
والمصباح السراج وقيل: المشكاة القنديل. والمصباح الفتيلة، عن مجاهد (المصباح في زجاجة) أي: ذلك السراج في زجاجة. وفائدة اختصاص الزجاجة بالذكر، أنه أصفى الجواهر. فالمصباح فيه أضوأ (الزجاجة كأنها كوكب دري) أي: تلك الزجاجة مثل الكوكب العظيم المضئ الذي يشبه الدر في صفائه ونوره ونقائه. وإذا جعلته من الدرء، وهو الدفع، فمعناه: المندفع السريع الوقع في الانقضاض. ويكون ذلك أقوى لضوئه.
(يوقد من شجرة مباركة) أي: يشتعل ذلك السراج من دهن شجرة مباركة (زيتونة) أراد بالشجرة المباركة شجرة الزيتون، لأن فيها أنواع المنافع، فإن الزيت يسرج به، وهو أدام، ودهان، ودباغ، ويوقد بحطبه، وثفله، ويغسل برماده الإبريسم، ولا يحتاج في استخراج دهنه إلى إعصار. وقيل: إنه خص الزيتونة، لأن دهنها أصفى وأضوأ. وقيل: لأنها أول شجرة نبتت في الدنيا بعد الطوفان، ومنبتها منزل الأنبياء. وقيل لأنه بارك فيها سبعون نبيا منهم إبراهيم، فلذلك سميت مباركة. (لا شرقية ولا غربية) أي: لا يفئ عليها ظل شرق، ولا غرب، فهي