لآيات وإن كنا لمبتلين [30]).
القراءة: قرأ أبو بكر عن عاصم. (منزلا) بفتح الميم وكسر الزاي.
والباقون: (منزلا) بضم الميم وفتح الزاي.
الحجة: قال أبو علي: من قرأ (منزلا) بالضم جاز أن يكون مصدرا، وأن يكون موضعا للإنزال. فعلى الوجه الأول جاز أن يعدى الفعل إلى مفعول آخر.
وعلى الوجه الثاني قد تعدى إلى مفعولين. ومن قرأ (منزلا) أمكن أن يكون مصدرا، وأن يكون موضع نزول. ودل أنزلني على نزلت.
المعنى: ثم ذكر سبحانه، أن نوحا لما نسبه قومه إلى الجنون، ولم يقبلوا منه (قال رب انصرني بما كذبوني) أي: بتكذيبهم إياي. والمعنى: انصرني بإهلاكهم (فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا) أي: بحيث نراها كما يراها الرائي من عبادنا بعينه. وقيل: معناه بأعين أوليائنا من الملائكة والمؤمنين، فإنهم يحرسونك من كل من يمنعك منه (ووحينا) أي: بأمرنا واعلامنا إياك كيفية فعلها (فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها) أي: فادخل في السفينة (من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم) مفسر في سورة هود (ولا تخاطبني في الذين ظلموا) أي: لا تكلمني في شأنهم (إنهم مغرقون) أي: هالكون.
(فإذا استويت أنت) يا نوح (ومن معك على الفلك) أي: السفينة (فقل الحمد لله الذي نجانا) أي: خلصنا (من القوم الظالمين) لنفوسهم بجحدهم توحيد الله (وقل رب أنزلني منزلا مباركا) أي: إنزالا مباركا، أو نزولا مباركا بعد الخروج من السفينة، وذلك تمام النجاة، عن مجاهد. وقيل: المنزل المبارك هو السفينة، عن الجبائي. لأنه سبب النجاة. وقيل: معناه أنزلني مكانا مباركا بالماء والشجر عن الكلبي. وقيل: معنى البركة أنهم توالدوا وكثروا، عن مقاتل.
(وأنت خير المنزلين) لأنه لا يقدر أحد على أن يصون غيره من الآفات إذا أنزله منزلا، ويكفيه جميع ما يحتاج إليه إلا أنت. قال الحسن: كان في السفينة سبعة أنفس من المؤمنين ونوح ثامنهم. وقيل: ثمانون (إن في ذلك) أي: في أمر نوح والسفينة، وهلاك أعداء الله. (لآيات) أي: دلالات للعقلاء يستدلون بها على التوحيد (وإن كنا لمبتلين) معناه: وإن كنا مختبرين إياهم بإرسال نوح، ووعظه،