وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين [50]).
القراءة: قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر: (تترى) بالتنوين. والباقون بغير تنوين. ومن نون وقف بالألف لا غير. ومن لم ينون ومذهبه الإمالة وقف بالياء وهي ألف ممالة. والباقون بالألف. وقد ذكرنا اختلافهم في (ربوة) في سورة البقرة.
الحجة: قال أبو علي: تترى فعلى من المواترة أن يتبع الخبر الخبر، والكتاب الكتاب، فلا يكون بينهما فصل كثير. والأقيس أن لا يصرف، لأن المصادر قد يلحق أواخرها ألف التأنيث، كالدعوى والعدوي، والذكرى والشورى. ولم نعلم شيئا من المصادر لحق آخرها الياء للإلحاق. فمن قال (تترى) أمكن أن يريد به فعلى من المواترة، فيكون الألف بدلا من التنوين، وإن كان في الخط بالياء كان للإلحاق.
والإلحاق في غير المصادر ليس بالقليل نحو: أرطى ومعزى. ولزم أن يحمل على فعل دون فعلى. ومن قال (تترى) وأراد به فعلى فحكمه أن يقف بالألف مفخمة، ولا يميلها. ومن جعل للإلحاق أو للتأنيث أمال الألف إذا وقف عليها.
المعنى: لما قال سبحانه: إن هؤلاء الكفار يصبحون نادمين على ما فعلوه، عقبه بالإخبار عن إهلاكهم، فقال: (فأخذتهم الصيحة) صاح بهم جبرائيل صيحة واحدة، ماتوا عن آخرهم (بالحق) أي: باستحقاقهم العقاب بكفرهم (فجعلناهم غثاء) وهو ما جاء به السيل من نبات قد يبس، وكل ما يحمله السيل على رأس الماء من قصب، وعيدان شجرة، فهو غثاء. والمعنى: فجعلناهم هلكى قد يبسوا كما يبس الغثاء، وهمدوا. (فبعدا) أي: ألزم الله بعدا من الرحمة (للقوم الظالمين) المشركين المكذبين (ثم أنشأنا من بعدهم) أي: من بعد هؤلاء (قرونا آخرين) أي:
أمما وأهل أعصار آخرين (ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون) هذا وعيد للمشركين معناه: ما تموت أمة قبل أجلها المضروب لها، ولا تتأخر عنه. وقيل: عنى بالعذاب الموعود لهم على التكذيب أنه لا يتقدم على الوقت المضروب لهم لذلك، ولا يتأخر عنه. والأجل هو الوقت المضروب لحدوث أمر من الأمور. والأجل المحتوم لا يتأخر، ولا يتقدم. والأجل المشروط بحسب الشرط. والمراد بالأجل المذكور في الآية: الأجل المحتوم. (ثم أرسلنا رسلنا تترى) أي: متواترة يتبع بعضهم بعضا، عن ابن عباس، ومجاهد. وقيل: متقاربة الأوقات. وأصله الاتصال لاتصاله بمكانه