وتقول العرب. هيهات لما تبغي، وهيهات منزلك. قال جرير:
فهيهات هيهات العقيق ومن به، * وهيهات خل بالعقيق نواصله (1) ويروى: ايهات. واختار الفراء الوقف على (هيهات) بالتاء، لأن قبلها ساكنا، فصارت كتأنيث أخت. وقال أبو علي: إنما كرر (هيهات) في الآية، وفي البيت، للتأكيد. وأما اللتان في الآية، ففي كل واحدة منهما ضمير مرتفع، يعود إلى الإخراج. إذ لا يجوز خلوه من الفاعل، والتقدير: هيهات إخراجكم. لأن قوله (أنكم مخرجون) بمعنى الإخراج أي: بعد إخراجكم للوعد، إذ كان الوعد إخراجكم بعد موتكم. استبعد أعداء الله إخراجهم لما كانت العدة به بعد الموت.
ففاعل هيهات هو الضمير العائد إلى (أنكم مخرجون) الذي هو بمعنى الإخراج.
وأما في البيت، ففي هيهات الأول ضمير العقيق، وفسر ذلك ظهوره مع الثاني.
الاعراب: اختلفوا في أن الثانية من قوله سبحانه: (أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون) وكذلك قوله: (ألم يعلموا أنه يحادد الله ورسوله فإن له نار جهنم) وقوله (كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم) فقال سيبويه: أن الثانية في هذه المواضع الثلاث بدل من الأولى. وقال أبو عمرو الجرمي، وأبو العباس المبرد: إنها مكررة للتأكيد، وطول الكلام. وقال أبو الحسن: إنها مرتفع بالظرف، واختاره أبو علي الفارسي، وزيف القولين الأولين. وأقول: إن (أن) الأولى في قوله (أيعدكم أنكم) مع اسمها وخبرها في موضع نصب على أنه المفعول الثاني من الوعد. ويكون تقديره على مذهب سيبويه: أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أي:
أيعدكم كونكم مخرجين بعد موتكم، وكونكم ترابا وعظاما.
وأما على مذهب من جعله للتكرير فتقديره: أيعدكم أنكم بعد موتكم مخرجون. وأما على مذهب أبي الحسن، وأبي علي، فتقديره: أيعدكم أنكم إذا متم إخراجكم، واتقوا أنكم وقت موتكم أو بعد موتكم إخراجكم. فقوله: (أنكم مخرجون) في موضع رفع بالظرف الذي هو قوله (إذا متم). وقوله (إذا متم) مع ما بعده رفع لكونه جملة واقعة موقع خبر أن الأولى. وموضع (إذا): نصب كما انتصب