حنيفا وما كان من المشركين (136) آية بلا خلاف.
الضمير في قوله: " وقالوا كونوا " يرجع إلى اليهود، والنصارى، لان كل فريق منهم دعي إلى ما هو عليه ومعنى " تهتدوا " أي تصيبوا طريق الحق. كأنهم قالوا: تهتدوا إلى الحق.
وروي عن عبد الله بن عباس، أنه قال: قال عبد الله بن صوريا الأعور لرسول الله صلى الله عليه وآله: ما الهدى إلا ما نحن عليه، فاتبعنا يا محمد تهتد. وقالت النصارى: مثل ذلك فأنزل الله (تعالى) " وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا الآية " وفى قوله:
" بل ملة إبراهيم حنيفا " حجة على وجوب اتباع ملة إبراهيم إذ كانت سليمة من التناقض. وكان في اليهودية والنصرانية تناقض، وذلك لا يكون من عند الله فصارت ملة إبراهيم أحق بالاتباع من غيرها. والتناقض في اليهودية مثل منعهم من جواز النسخ مما في التوراة مما يدل على جواز ذلك وامتناعهم من العمل بما تقدمت به البشارة في التوراة من اتباع النبي الأمي مع اظهارهم التمسك بها، وامتناعهم من الاذعان لما (1) دلت عليه المعجزة: من نبوة عيسى، ونبوة محمد صلى الله عليه وآله مع اقرارهم بنبوة موسى من أجل المعجزة إلى غير ذلك من أنواع التناقض. وأما النصارى أب وابن وروح قدوس إله واحد مع زعمهم ان الأب ليس هو الابن وان الأب إله والابن إله وروح القدوس إله. فإذا قيل لهم قولوا ثلاثة آلهة امتنعوا من ذلك. إلى ما يصفون به الباري تعالى مما (2) يوجب الحاجة والحدث. ويقولون:
مع ذلك أنه قديم لم يزل إلى غير ذلك من مناقضاتهم التي لا تحصى كثيرة، وهي موجودة في الكتب عليهم نبهنا على جملها. وأما الحنيفية فهي الاستقامة. وإنما قيل للذي يقبل بإحدى قدميه على الأخرى أحنف تفاؤلا بالسلامة كما قيل للهلكة:
مفازة تفاؤلا بالفوز، والنجاة، وهو قول الرياشي وابن قتيبة، وأهل اللغة. وقال الزجاج: أصله الميل، وإبراهيم حنيف إلى دين الاسلام، وقال: العادل إلى دين