لا دلالة فيه، ولا يمتنع ان يذكر قوما، ويخبر عنهم، ثم يستأنف قوما آخرين، فيخبر عنهم على أن مشركي العرب قد أضافوا إلى الله البنات فدخلوا في جملة من قال: " اتخذ الله ولدا ".
ومعنى قوله: " لولا " هلا، كما قال الأشهب بن رميلة:
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم * بنى ضوطري لولا الكمي المقنعا (1) أي هلا تعقرون الكمي المقنعا. وإنما قال: " أو تأتينا آية " وقد جاءتهم الآيات، لأنهم طلبوا آية، كما أن آية الرسل توافق دعوتهم، ويكلمهم الله كما كلمهم الله.
والمعني بقوله " كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم " اليهود على قول مجاهد. وعلى قول قتادة والسدي والربيع: اليهود والنصارى. والضمير في قوله:
" تشابهت قلوبهم " يعني كناية عن قلوب اليهود والنصارى - على قول مجاهد - وعلى قول الربيع وقتادة: عن العرب واليهود والنصارى وغيرهم، فقوله " تشابهت قلوبهم " يعني في الكفر، بالاعتراض على أنبياء الله بالجهل، لان اليهود قالت لموسى:
" أرنا الله جهرة " وقالت النصارى للمسيح: " أنزل علينا مائدة من السماء ".
وقالت العرب لمحمد صلى الله عليه وآله: حول لنا الصفا ذهبا، وغير ذلك. وكذلك قال الله تعالى: " أتوا صوابه " (2) وروي عن ابن إسحاق انه قرأ " تشابهت " - بتشديد الشين - خطأ، لان ذلك إنما يجوز في المضارع. بمعنى تتشابه - فتدغم احدى التاءين في الشين - هكذا قال الفراء، وغيره من أهل العلم.
وقوله: " قد بينا الآيات لقوم يوقنون " معناه أيقن بها قوم من حيث دلتهم على الحق، فالواجب على كل هؤلاء ان يستدلوا بها، ليصلوا إلى اليقين كما وصل غيرهم إليه بها.