ان الامر خاص في الموجودين الذين قيل لهم " كونوا قردة خاسئين " (1) ومن جرى مجراهم، لأنه لا يؤمر المعدوم عندهم.
ومنها انه أمر للمعدوم من حيث هو لله معلوم، فصح أن يؤمر فيكون.
ومنها - ان الآية خاصة في الموجودات من إماتة الاحياء واحياء (2) الموتى وما جرى مجرى ذلك من الأمور. وإنما قلنا بافساد هذه الأقوال، لأنه لا يحسن ان يؤمر إلا من كان عاقلا مميزا يقدر على ما أمر به، ويتمكن من فعله. وجميع ما ذكروه بخلافه. لان المعدوم ليس بحي، ولا عاقل. ولا يصح امره. ومن كان موجودا لا يجوز ان يؤمر أن يكون قردة، لان المعاني التي تكون بها كذلك، ليس في مقدوره. كذلك القول في الإماتة والاحياء وتأويل قوله: " كونوا قردة خاسئين " قد بيناه فيما مضى. فقال بعضهم: إنه أمر للموجود في حال كونه لا قبله ولا بعده، وانه مثل قوله: " ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون " (3) وان دعاء الله إياهم لا يتقدم خروج القوم من قبورهم، ولا يتأخر عنه. وهذا فاسد لان من شرط حسن الامر أن يتقدم المأمور به. وكذلك القول في الدعاء، فلا يسلم ما قالوه. وتأويل ما استشهدوا به على ما بيناه في الآية سواء في أنه اخبار عن تسهيل الفعل وسرعة وقوعه، وارادته، لا أن يكون هناك دعاء على الحقيقة، ثم يلزم على جميع ما ذكروه أن تكون الأشياء مطيعة لله تعالى لان الطاعة هي مانعة الامر من الأشياء التي قالها: كوني بأن فعلت نفسها، ويلزم أن يكون لها عقل وتمييز وكل ذلك فاسد. فاما من استدل بهذه الآية ونظائرها على أن كلام الله قديم من حيث إنه لو كان محدثا لاقتضى ألا يحصل إلا (بكن). والكلام في (كن) كالكلام فيه إلى أن ينتهي إلى (كن) قديمة. وهو كلام الله القديم. فهذا باطل لأنا قد بينا معنى الآية، فلا يصح ما قالوه. على أن الآية تقتضي حدوث كلامه من