إذ كل فريق من أهل الكتاب قد انكر ما عليه الآخر، ثم بين أن سبيلهم كسبيل من لا يعلم الكتب في الانكار لدين الاسلام من مشركي العرب، وغيرهم ممن الكتاب له فيهم، وجحدهم لذلك سواء إذ لا حجة معهم يلزم بها تصديقهم، لا من جهة سمع ولا عقل.
والوجه الآخر - الذم لمن انكر ذلك من أهل الكتاب على جهة العناد، إذ قد ساوى المعاند منهم للحق الجاهل به في الدفع له، فلم ينفعه علمه، بل حصل على مضرة الجهل كما حصل عليه من لا علم له به. فان قيل: إذا كانت اليهود إنما قالت: ليست النصارى على شئ في تدينها في التوراة فكيف قال: " كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم " وأهل الحق أيضا يقولون مثل قولهم؟ قيل: إن المعنى " كذلك قال الذين لا يعلمون الكتاب ". اي فقد ساووا في ذلك من لا كتاب له. وكما لا حجة في جحد هؤلاء كذلك لا حجة في جحدهم، ولم يساووا أهل الحق فيه، لأنهم قالوه عن علم. والمعني بقوله: " كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم " - في قول السدي - هم العرب الذين قالوا: ليس محمد صلى الله عليه وآله على شئ.
وقال الربيع: قالت النصارى: مثل قول اليهود قبلهم، ووجه هذا القول، اي فقد ساووكم يا معشر اليهود في الانكار " وهم لا يعلمون ". وقال عطاء: هؤلاء الذين لا يعلمون أمم كانت قبل اليهود والنصارى، وقبل التوراة والإنجيل.
اللغة " والقيامة " مصدر إلا أنه صار كالعلم على وقت بعينه، وهو الوقت الذي بعث الله عز وجل فيه الخلق، فيقومون من قبورهم إلى محشرهم. تقول: قام يقوم قياما وقيامة: مثل عاد يعود عيادا وعيادة، وصانه صيانة، وعاده عيادة.
المعنى:
وقوله: " فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون " يحتمل أمرين: (1)