كما تقول: ما عبد الله بملازمة زيد وهي التي مع (ما) ذكره عماد للفعل، لاستفتاح العرب النكرة قبل المعرفة. وقال قوم: ان هو التي مع (ما) كناية عن ذكر العمر وجعل ان يعمر مترجما عن هو يريد ما هو بمزحزحه من العذاب ان يعمر: اي وان عمر قال الزجاج: وما هو كناية عن أحدهم كأنه قال: وما أحدهم بمزحزحه من العذاب كأنه قال: يود أحدهم ان يعمر الف سنة وما ذلك العمر بمزحزحه من العذاب وقوله: " بمزحزحه " اي بمبعده قال الحطيئة:
فقالوا تزحزح لا بنا فضل حاجة * إليك ولامنا لو هيك رافع (1) يعنى تباعد يقال منه: زحزحه يزحزحه زحزحة وزحزاحا. فتأويل الآية:
وما طول العمر بمبعده من عذاب الله، ولا منجيه منه، لأنه لابد للعمر من الفناء فيصير إلى الله تعالى، وقال الفراء: " احرص الناس على حياة، ومن الذين أشركوا " أيضا والله أعلم كقولك هو أسخى الناس. من حاتم ومن هرم (2) لان تأويل قولك:
أسخى الناس إنما هو أسخى من الناس.
وقوله: " والله بصير بما يعملون " قرئ بالتاء والياء معا: اي لا يخفى عليه شئ من اعمالهم، بل هو بجميعها محيط، ولها حافظ حتى يذيقهم بها العذاب ومعنى بصير مبصر عند أهل اللغة وسميع بمعنى مسمع، لكنه صرف إلى فعيل في بصير وسميع، ومثله " عذاب أليم " بمعنى مؤلم " وبديع السماوات " بمعنى مبدع. وعند المتكلمين المبصر: هو المدرك للمبصرات، والبصير هو الحي الذي لا آفة به، لأنه يجب ان يبصر المبصرات إذا وجدت. وليس أحدهما هو الآخر وكذلك سميع ومسمع.
وقوله: " يود " تقول وددت الرجل أود ودا وودا وودادا وودادة ومودة واود: لا يكون ماضيه، الا وددت وقال بعض المفسرين: ان تأويل قوله " لتجدنهم احرص الناس على حياة " اي من الناس اجمع، ثم قال واحرص من الذين أشركوا