قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون " (1) معناه إذ وقفوا على جزاء ربهم، لان الكفار لا يرون الله عند أحد من الأمة فان قيل: ما معنى الرجوع ههنا وهم ما كانوا قط في الآخرة فيعودوا إليها؟
قيل: راجعون بالإعادة في الآخرة - في قول أبي الغالية - وقيل: يرجعون بالموت كما كانوا في الحال المتقدمة، لأنهم كانوا أمواتا، ثم أحيوا، ثم يموتون، فيرجعون أمواتا كما كانوا: والأول أظهر وأقوى، وقيل: ان معناه: انهم راجعون إلى أن لا يملك أحدهم ضرا ولا نفعا غيره تعالى كما كانوا في بد والخلق، لأنهم في أيام حياتهم قد يملك الحكم عليهم غيرهم، والتدبير لنفعهم وضرهم بين ذلك قوله: " مالك يوم الدين " ومعنى ذلك انهم يقرون بالنشأة الآخرة فجعل رجوعهم بعد الموت إلى المحشر رجوعا إليه اللغة:
وأصل الرجوع العود إلى الحال الأول يقال رجع الرجل ورجعته وهو أحد ما جاء على فعل وفعلة ويحتمل أن يكون المراد أنهم إليه صائرون كما يقول القائل: رجع الامر إلى فلان وإن كان قط لم يكن له ومعناه صار إليه: وحذفت النون من " ملاقوا ربهم " عند البصريين تخفيفا والمعنى على اثباتها، ومثله قوله: " انا مرسلوا الناقة " (2) " وكل نفس ذائقة الموت " (3) قال الشاعر:
هل أنت باعث دينار لحاجتنا * أو عبد رب اخاعون بن مخراق (4) ولو أردت معنى الماضي لتعرف الاسم بالإضافة، لم يجز فيه اظهار النون البتة وإذا كان الفعل غير واقع كان اثبات النون هو الوجه دون الإضافة فلو قيل