السلام وهو امر بالاقرار بالنبوة، وما جاءت به من الشريعة اللغة:
وإنما وحد " كافرا " في قوله: " ولا تكونوا أول كافر "، وقبله جمع، لما ذكره الفراء والأخفش: وهو أنه ذهب مذهب الفعل، كأنه قال: أول من كفر به ولو أراد الاسم لما جاز إلا الجمع ومثل ذلك قول القائل للجماعة: لا تكونوا أول رجل يفعل ذلك قال المبرد: هذا الذي ذكره الفراء خارج عن المعنى المفهوم، لان الفعل ههنا والاسم سواء إذا قال القائل: زيد أول رجل جاء فمعناه أول الرجال الذين جاؤوا رجلا رجلا، ولذلك قال: أول كافر، وأول مؤمن ومعناه: أول الكافرين وأول المؤمنين لا فصل بينهما في لغة ولا قياس إلا ترى أنك تقول: رأيت مؤمنا، ورأيت كافرا كما تقول: رأيت رجلا لا يكون إلا ذلك، لأنك إنما رأيت واحدا، كما تقول: رأيت زيدا أفضل مؤمن، وزيد أفضل حر، وزيد أفضل رجل، وانبل غلام، وليس بين ذلك اختلاف ولكن جاز ولا تكونوا أول قبيل كافر به، وأول حزب كافر به، وهو مما يسوغ فيه النعت، ويبين به الاسم، لأنك تقول: جاءني قبيل صالح، وجاءني حي كريم، فينعت به الجمع، إذا كان الجمع اسما واحدا لجميعه كقولك: نفر، وقبيل، وحزب، وجمع ولا تقول: جاءني رجل كريم، وأنت تريد برجل نفرا كما تقول: نفر كريم، لان النعت جار على المنعوت والاسم منفرد بنفسه ونظير قوله: " أول كافر " قول الشاعر:
فإذا هم طعموا فألام طاعم * وإذا هم جاعوا فشر جياع (1) المعنى:
ومعنى قوله: " ولا تكونوا أول كافر به " قال قوم: يعني بالقرآن من أهل الكتاب: لان قريشا كفرت به قبلهم بمكة وقيل: معناه: لا تكونوا أول كافر به أي لا تكونوا أول السابقين بالكفر فيه فيتبعكم الناس أي لا تكونوا أئمة في الكفر به وقيل: لا تكونوا أول كافر به اي أول جاحد به إن صفته في كتابكم