ولم صار (هذا المحلول) (1) فيه محدثا وذلك قديما دون أن يكون ذلك محدثا وهذا قديما وكيف يحتاج إلى المحال من لم يزل قبل المحال وهو عز وجل لا يزال كما لم يزل؟ فإذا وصفتموه بصفة المحدثات في الحلول فقد لزمكم (2) أن تصفوه بالزوال [والحدوث].
وأما ما وصفتموه بالزوال والحدوث فصفوه بالفناء، فان ذلك أجمع من صفات الحال والمحلول فيه، وجميع ذلك يغير (3) الذات، فان (جاز أن يتغير) (4) ذات الباري تعالى بحلوله في شئ جاز أن يتغير (5) بأن يتحرك ويسكن ويسود ويبيض ويحمر ويصفر وتحله الصفات التي تتعاقب على الموصوف بها حتى يكون فيه جميع صفات المحدثين، ويكون محدثا - عن الله تعالى عن ذلك -.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فإذا بطل ما ظننتموه من أن الله يحل في شئ فقد فسد ما بنيتم عليه قولكم.
قال: فسكت القوم، وقالوا: سننظر في أمورنا.
ثم أقبل على الفريق الثاني فقال لهم: أخبرونا عنكم إذا عبدتم صور من كان يعبد الله فسجدتم لها وصليتم، فوضعتم الوجوه الكريمة على التراب - بالسجود لها - فما الذي أبقيتم لرب العالمين؟ أما علمتم أن من حق من يلزم تعظيمه وعبادته أن لا يساوي به عبده؟ أرأيتم ملكا عظيما إذا ساويتموه بعبيده في التعظيم والخشوع والخضوع أيكون في ذلك وضع للكبير كما يكون زيادة في تعظيم الصغير؟
فقالوا: نعم.
قال: أفلا تعلمون أنكم من حيث تعظمون الله بتعظيم صور عباده المطيعين له