قال: فأنتم الذين تنحتونها بأيديكم؟ [قالوا: نعم.
قال:] فلئن تعبدكم هي - لو كان يجوز منها العبادة - أحرى من أن تعبدوها إذا لم يكن أمركم بتعظيمها من هو العارف بمصالحكم وعواقبكم والحكيم فيما يكلفكم؟
قال: فلما قال رسول الله صلى الله عليه وآله هذا اختلفوا:
فقال بعضهم: ان الله قد يحل في هياكل رجال كانوا على هذه الصور التي صورناها، فصورنا هذه، نعظمها لتعظيمنا تلك الصور التي حل فيها ربنا.
وقال آخرون منهم: ان هذه صور أقوام سلفوا كانوا مطيعين لله قبلنا، فمثلنا صورهم وعبدناها تعظيما لله.
وقال آخرون [منهم]: ان الله لما خلق آدم، وأمر الملائكة بالسجود له (1)، كنا نحن أحق بالسجود لآدم من الملائكة، ففاتنا ذلك، فصورنا صورته فسجدنا لها تقربا إلى الله كما تقربت الملائكة بالسجود لآدم إلى الله تعالى، وكما أمرتم بالسجود - بزعمكم - إلى جهة مكة ففعلتم، ثم نصبتم في غير ذلك البلد [بأيديكم] محاريب سجدتم إليها، وقصدتم الكعبة لا محاريبكم، وقصدكم في الكعبة إلى الله تعالى لا إليها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أخطأتم الطريق وضللتم، أما أنتم - وهو صلى الله عليه وآله يخاطب الذين قالوا: ان الله يحل في هياكل رجال كانوا على هذه الصور التي صورناها، فصورنا هذه نعظمها لتعظيمنا لتلك الصور التي حل فيها ربنا - فقد وصفتم ربكم بصفة المخلوقات، أو يحل ربكم في شئ حتى يحيط به ذلك الشئ؟ فأي فرق بينه اذن وبين سائر ما يحل فيه من لونه وطعمه ورائحته ولينه وخشونته وثقله وخفته؟