موجبها ولو ذهب محمد يريكم آية من عنده لشككتم، وقلتم: إنه متكلف مصنوع محتال فيه، معمول أو متواطأ عليه، فإذا اقترحتم أنتم فأراكم ما تقترحون لم يكن لكم أن تقولوا معمول أو متواطأ عليه أو متأتي بحيلة ومقدمات، فما الذي تقترحون؟
فهذا رب العالمين قد وعدني أن يظهر لكم ما تقترحون ليقطع معاذير الكافرين منكم، ويزيد في بصائر المؤمنين منكم.
قالوا: قد أنصفتنا يا محمد، فان وفيت بما وعدت من نفسك من الانصاف، وإلا فأنت أول راجع من دعواك للنبوة، وداخل في غمار (1) الأمة، ومسلم لحكم التوراة لعجزك عما نقترحه عليك، وظهور الباطل في دعواك فيما ترومه من جهتك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الصدق ينبئ عنكم (2) لا الوعيد، اقترحوا ما تقترحون ليقطع معاذيركم فيما تسألون.
[معجزة عظيمة من معجزات النبي صلى الله عليه وآله باقتراح اليهود:] فقالوا: يا محمد زعمت أنه ما في قلوبنا شئ من مواساة الفقراء، ومعاونة الضعفاء والنفقة في إبطال الباطل، وإحقاق الحق، وأن الأحجار ألين من قلوبنا، وأطوع لله منا، وهذه الجبال بحضرتنا، فهلم بنا إلى بعضها، فاستشهده على تصديقك وتكذيبنا فان نطق بتصديقك فأنت المحق، يلزمنا اتباعك، وإن نطق بتكذيبك أو صمت فلم يرد جوابك، فاعلم بأنك المبطل في دعواك، المعاند لهواك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: نعم هلموا بنا إلى أيها شئتم أستشهده، ليشهد لي عليكم فخرجوا إلى أوعر جبل رأوه، فقالوا: يا محمد هذا الجبل فاستشهده.