وتمم به المكارم، وكمل به المحاسن، فقالوا: فبما ذا أمركم محمد؟
فقالوا: أمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وأن نقيم (1) الصلاة، ونؤتي الزكاة، ونصل الأرحام، وننصف للأنام، ولا نأتي إلى عباد الله بما لا نحب أن يأتوا به إلينا، وأن نعتقد ونعترف أن محمدا سيد الأولين والآخرين، وأن عليا عليه السلام أخاه سيد الوصيين، وأن الطيبين من ذريته المخصوصين بالإمامة هم الأئمة على جميع المكلفين الذين أوجب الله تعالى طاعتهم وألزم متابعتهم وموالاتهم.
فقالوا: يا هؤلاء هذه أمور لا تعرف إلا بحجج ظاهرة، ودلائل باهرة، وأمور بينة ليس لأحد أن يلزمها أحدا بلا أمارة (2) تدل عليها، ولا علامة صحيحة تهدي إليها، أفرأيتم له آيات بهرتكم، وعلامات ألزمتكم؟
قالوا: بلى والله، لقد رأينا ما لا محيص عنه، ولا معدل (3) ولا ملجأ، ولا منجا لجاحده من عذاب الله، ولا موئل (4) فعلمنا أنه المخصوص برسالات الله المؤيد بآيات الله، المشرف بما اختصه الله به من علم الله، قالوا: فما الذي رأيتموه؟
قال عمار بن ياسر: أما الذي رأيته أنا، فاني قصدته وأنا فيه شاك، فقلت: يا محمد لا سبيل إلى التصديق بك مع استيلاء الشك فيك على قلبي، فهل من دلالة؟
قال: بلى. قلت: ما هي؟
قال: إذا رجعت إلى منزلك فاسأل عني ما لقيت من الأحجار والأشجار تصدقني برسالتي، وتشهد عندك بنبوتي.
فرجعت فما من حجر لقيته، ولا شجر رأيته إلا ناديته: يا أيها الحجر، يا أيها الشجر، إن محمدا يدعي شهادتك بنبوته، وتصديقك له برسالته، فبماذا تشهد له؟